ترميم المسجد الأموي الكبير في معرة النعمان: صمود الهوية الإسلامية وإحياء التراث التاريخي
ترميم المسجد الأموي الكبير في معرة النعمان: صمود الهوية الإسلامية وإحياء التراث التاريخي
● أخبار سورية ١٧ نوفمبر ٢٠٢٥

ترميم المسجد الأموي الكبير في معرة النعمان: صمود الهوية الإسلامية وإحياء التراث التاريخي

تتواصل أعمال ترميم الجامع الأموي الأثري الكبير في مدينة معرة النعمان، بعد جهود متواصلة بذلتها مديرية أوقاف محافظة إدلب وشعبة أوقاف معرة النعمان وإدارة منطقة معرة النعمان، بالتنسيق مع إدارة المتاحف والآثار، وبدعم من جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية، وتأتي أعمال الترميم عقب توقيع مذكرة تفاهم بين مديرية أوقاف إدلب وجمعية عطاء خلال الشهر الفائت.

وفي تصريح خاص لشبكة شام الإخبارية، قال أحمد داود، رئيس شعبة أوقاف معرة النعمان، إن ترميم المسجد الأموي الكبير لا يُعد مجرد إصلاح لبناء ديني، بل هو حفاظ على واحد من أهم الرموز الإسلامية والتراثية في المحافظة. وأضاف أن المسجد يُعد من أقدم المساجد التي عاصرت معظم الحضارات في واحدة من أعرق المدن القديمة، المجاورة لحضارات إيبلا وأفاميا وقنسرين.

وأضاف أن ترميم المسجد يُعد تمسّكاً بالهوية الإسلامية، وشاهداً بارزاً على تعاقب العصور الإسلامية التي تركت بصمتها في معالمه، فضلاً عن كونه إحياءً لرمز من رموز الصمود في المنطقة. وأكد أن هذه الخطوة تسهم في تعزيز الاستقرار وتشجيع الأهالي على العودة إلى مدينتهم وإعادة إعمارها بعد الحملة البربرية التي شنّها نظام الأسد على المنطقة.

ونوه إلى أن مدة أعمال الترميم ستستغرق وقتاً نسبياً، نظراً لدقّة العمل الأثري وطبيعته الحساسة، وضرورة الحفاظ على الطابع التاريخي للمسجد وشكله القديم. ووفقاً لتقديرات المهندسين وخبراء الترميم المشرفين على المشروع، قد تمتد فترة الترميم إلى نحو سبعة أشهر.

وأكد أن ترميم المسجد الأموي يمثل نموذجاً مثالياً للتكامل بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية، حيث تتضافر جهود الجميع، وتسير بخطى متسارعة، لإنجاز هذه اللوحة المعمارية الفريدة دون أي تقصير أو تراجع في الهمة.

وأشار أحمد داود إلى أن للمسجد الأموي مكانة رمزية راسخة في وجدان أبناء المنطقة، فهو كما قال يمثل رمزاً للصمود والإصرار. وأضاف أن ترميمه يشكّل دافعاً قوياً لعودة عدد كبير من الأهالي إلى مدينتهم، وإحياء أسواقها وشوارعها، وإعادة الحيوية إلى حياتها الاجتماعية.

وشدد على أن اختيار الجامع الأموي الأثري الكبير ليكون ضمن مشاريع الترميم جاء لكونه يمثل جوهر الهوية الإسلامية والثقافية في المنطقة، ويجسّد تعاقب الحضارات المتنوعة عليها. وأضاف أنه يعد رمزاً للنصر والمقاومة قبل أن يكون مجرد بقعة مقدسة وداراً للعبادة، وهو ما جعله يتقدم على كثير من المساجد الأخرى في أولويات الترميم.

وقال في ختام حديثه إن جميع الرموز الثقافية والأثرية عبر التاريخ تُحفَظ ويُخلَّد ذكرها عندما يُحافَظ عليها، فتظل ضاربة في أعماق التاريخ دون اندثار، أما إذا اندثرت وتغيّرت ملامحها فإنها ستُنسى مع الزمان، ولن يبقى منها سوى ذكرى عابرة في طيّات الكتب لا أكثر.

وأضاف أن المسجد الأموي نفسه كان في الأصل معبداً، ثم أُحيل كنيسة، قبل أن يُشيَّد المسجد على أنقاضها. ولذا نادراً ما يُعثَر على ذكرٍ للمعبد أو الكنيسة، وغالباً دون تأكيد، بسبب عدم استمرار وجودهما واندثار معالمهما. 

وعلى العكس من ذلك، بقي المسجد حاضراً عبر القرون، يتوارثه المسلمون جيلاً بعد جيل، ويتنافسون في صون هذه التركة العظيمة والمحافظة على صورتها وهويتها صامدةً شامخةً في وجه الأعداء على اختلاف صورهم ووحشيتهم. ولهذا، كما يؤكد داود، فإن المسجد الأموي يمثل لنا مصدراً للعزّ والنصر والإلهام، لا مجرد مسجد فقط.ترميم الجامع الأموي الكبير في معرة النعمان: صمود الهوية الإسلامية وإحياء التراث التاريخي

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ