صورة
صورة
● أخبار سورية ١٧ أبريل ٢٠٢٥

ناجٍ يفضح تورط القاضية خلود الحموي.. وشهادات تؤكد مسؤوليتها في إرسال معتقلين إلى صيدنايا

يستمر فتح ملفات المتورطين بجرائم نظام الأسد، وسط مطالبات متصاعدة بمحاسبة كل من ساهم في تعذيب السوريين وظلمهم خلال سنوات الثورة، وعلى رأسهم شخصيات بارزة في المجال القضائي لعبت أدواراً محورية في تغطية الانتهاكات قانونياً. 

القاضية "خلود الحموي"، التي تولّت منصب قاضي التحقيق الخامس في ما كان يُعرف بمحكمة "الإرهاب"، باتت في دائرة الاتهام بعد شهادات توثق أحكامها المجحفة، وتورطها في إرسال معتقلين إلى سجن صيدنايا سيئ السمعة.

لورنس حيدر يفضح.. "خلود الحموي أداة النظام القضائية"
أحد الناجين من الاعتقال، ويدعى لورنس حيدر، خرج بشهادة مصوّرة كشف فيها تفاصيل صادمة عن تجربته في الاعتقال ودور القاضية خلود الحموي في تكريس الظلم بحق المعتقلين. 

وقال حيدر إنه اعتُقل في سبتمبر/أيلول 2013 عند حاجز "كشكول" بدمشق، إثر تقرير أمني كتبه أحد معارفه، وجرى تحويله إلى "فرع الدوريات" حيث خضع للتحقيق لدى عنصر يُدعى محمود حمدان. وبعد شهرين، نقل إلى فرع منفردة 93، ثم خضع للتحقيق أمام لجنة أمنية تضم خمسة ممثلين عن أجهزة الاستخبارات السورية.

في شهادته، أشار إلى نقله لاحقاً إلى سجن عدرا، ثم إلى محكمة "الإرهاب" حيث عرض أمام القاضية خلود الحموي. ووفقاً له، تم عرض 23 شخصاً على الحموي في تلك الفترة، ولم يُفرج سوى عن ثلاثة، بينما تم ترحيل الباقين إلى سجن صيدنايا، المعروف بأنه مقبرة الأحياء.

شهادات معتقلين: "أحكام ظالمة وابتزاز مقابل الذهب"
بعد انتشار شهادة حيدر، تفاعل عدد من المعتقلين السابقين مع الفيديو، كاشفين عن تعرضهم لأحكام جائرة على يد الحموي، وكتب أنور بركات، أحد ضحايا القاضية، قائلاً: "حوّلتني إلى الجنايات عام 2013 رغم براءتي.. فقط لأنني من محافظة إدلب. حرمتني من عملي وسُرق منزلي واتُّهمت بالإرهاب ظلماً".

أما عمار العبادي، فقال: "حكمتني القاضية خلود الحموي سبع سنوات بسبب ربطة خبز.. الله لا يسامحها". وأضاف أحمد المحمد: "أوقفتني الحموي وأرسلتني إلى صيدنايا. قضيت ثلاث سنوات بدون محاكمة، وكانت الأضابير تبقى نائمة عندها ما لم يُدفع ذهب. من كان يدفع كان يُفرج عنه، ومن لم يفعل يُترك مصيره بيدها".

مطالبات بالمحاسبة.. فتح ملفات محكمة "الإرهاب"
تأتي هذه الشهادات في وقت يواصل فيه محامون وحقوقيون فتح ملفات محكمة "الإرهاب"، باعتبارها أداة قانونية استخدمها النظام السابق في شرعنة الاعتقال التعسفي وتصفية الخصوم. وتزايدت الدعوات لإجراء تحقيقات قضائية بحق القاضية الحموي، مع تقديم شكاوى ضدها تتضمن اتهامات بالفساد واستغلال السلطة والضلوع في ممارسات تعذيب غير مباشرة من خلال تغطية قانونية لقرارات أمنية.

"لا عدالة دون محاسبة"
ملف القاضية خلود الحموي يمثل نموذجاً صارخاً على مدى تواطؤ المؤسسة القضائية مع الأجهزة الأمنية في عهد النظام المخلوع، ويؤكد أن أي عدالة انتقالية في سوريا لن تكتمل دون محاسبة كل من تورّط في ظلم السوريين، سواء أكانوا جنوداً في الميدان، أم قضاةً في المكاتب.

 

إحالة القاضية “خلود الحموي” إلى التفتيش القضائي بعد شكاوى من عشرات المحامين بسوريا
أُحيلت القاضية “خلود الحموي” إلى التفتيش القضائي في سوريا، عقب تلقي وزارة العدل شكوى جماعية من نحو 150 محاميًا ومحامية، تتعلق بسلوكها المهني وقراراتها خلال فترة عملها كقاضي تحقيق خامس في محكمة قضايا الإرهاب بدمشق.

وأكد المحامي “ميشيل شماس” أن الشكوى جاءت نتيجة ما وصفه بـ”انتهاكات مهنية جسيمة”، حيث اتهم عدد كبير من المحامين القاضية الحموي بإظهار عداء صارخ تجاه المتهمين من المعارضين السياسيين، وبتبني مواقف منحازة للنظام السوري السابق، خلال فترة توليها القضايا الحساسة في المحكمة.

وتُعد الحموي من الشخصيات القضائية المثيرة للجدل في سوريا، بسبب ارتباط اسمها بمحكمة الإرهاب التي وُجّهت لها اتهامات واسعة بانتهاك حقوق المعتقلين السياسيين.

وكانت قد أصدرت وزارة العدل السورية بيانًا توضيحيًا بعد انتشار صورة تُظهر وزير العدل الدكتور مظهر الويس وهو يصافح القاضي عمار بلال، أحد أبرز قضاة محكمة الإرهاب إبان عهد النظام السابق. وأكدت الوزارة أن المصافحة جرت ضمن لقاء بروتوكولي بمناسبة عيد الفطر، ولا تحمل أي دلالة سياسية أو قانونية.

وأضاف البيان أن جميع القضاة الذين شغلوا مناصب في محكمة قضايا الإرهاب يخضعون حاليًا لتحقيقات لدى إدارة التفتيش القضائي، مؤكدة أن أية مخالفات أو تجاوزات سيتم التعامل معها بحزم، وفق مقتضيات القانون.

وشددت الوزارة على التزامها بمبدأ المحاسبة وسيادة القانون، معتبرة أن تطهير المؤسسة القضائية من المتورطين في الانتهاكات يمثل استحقاقًا وطنيًا وأخلاقيًا في إطار مسار العدالة الانتقالية وبناء سوريا الجديدة.

في المقابل، أثارت صورة القاضي بلال مع الوزير موجة من الجدل والاستياء في الأوساط الحقوقية والثورية، التي اعتبرت ظهوره بمثابة “استفزاز” لضحايا القمع، مطالبة بعزله ومحاسبته إلى جانب جميع القضاة المتورطين في انتهاكات سابقة.

وأصدر عدد من المحامين المنشقين ونشطاء الثورة بيانًا طالبوا فيه باتخاذ إجراءات فورية لعزل كل من ساهم في قمع السوريين، مؤكدين أن استمرار هؤلاء في مواقعهم يشكل “صفعة للعدالة وإهانة لذكرى الضحايا”.

كما شدد البيان الحقوقي على ضرورة دعم القضاة الشرفاء والمنشقين الذين أثبتوا نزاهتهم، والذين يجب أن يكونوا في طليعة عملية إصلاح القضاء في سوريا المستقبل.

وعبّر ناشطون عن تطلعهم إلى مرحلة جدية من المحاسبة الشاملة لكل من ارتكب انتهاكات بحق السوريين خلال عهد النظام المخلوع، سواء من الأجهزة الأمنية أو القضائية، مؤكدين أن التغاضي عن هذه الأسماء سيُفقد الدولة الجديدة مصداقيتها في أعين من دفعوا أثمانًا باهظة في سبيل الحرية والكرامة.

وأكدت تعليقات أخرى أن “الكثير من رموز القمع ما زالوا طلقاء، يمارسون وظائفهم، بل ويُمنح بعضهم مناصب جديدة”، وهو ما وصفه ناشطون بأنه “تهديد حقيقي لمسار العدالة الانتقالية”، داعين إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق ومتابعة ملفات القضاة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ