"الأمم المتحدة" تُمدد ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا عاماً إضافياً
مدد "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة، ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، عاماً إضافياً، وصوتت 27 دولة لصالح القرار، في وقت عارضته خمس دول، بينها الجزائر والصين، بينما امتنعت عن التصويت 15 دولة، بينها الإمارات والمغرب والصومال والسودان.
وطالب القرار الذي قدمته المملكة المتحدة، نيابة عن الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وهولندا وقطر وتركيا، تقديم إحاطات وتقارير دورية عن الوضع في سوريا، وعبر المجلس عن قلقه البالغ إزاء استمرار الأزمة السورية، واتسام الصراع بأنماط متسقة من انتهاكات خطيرة، وانتهاكات حقوق الإنسان.
ودان القرار جميع الانتهاكات في سوريا، ودعا الأطراف كافة إلى الامتثال الفوري لالتزاماتها، كما أكد ضرورة ضمان محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو، إن سوريا أصبحت مكاناً أكثر خطورة للعيش، ولا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين السوريين.
بدوره، أوضح سفير المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة في جنيف سيمون مانلي، أن عمل اللجنة يوفر قاعدة أدلة واضحة لضمان المساءلة عن الجرائم الشنيعة، وضمان عدم نسيان الواقع القاسي في سوريا، وأشار إلى أن القرار يسلط الضوء على استمرار وتصاعد الخسائر في صفوف المدنيين.
وكنت حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا والتابعة للأمم المتحدة، من أن سوريا تواجه موجة عنف جديدة لم تشهدها منذ عام 2020، موشحة إن أطراف النزاع شنت هجمات ضد المدنيين والمرافق الأساسية، قد ترقى إلى جرائم حرب، "بينما تتسبب أزمة إنسانية غير مسبوقة في تفاقم اليأس لدى السوريين".
وأضاف البيان أن التوترات اشتدت بين بعض القوات الأجنبية الستة النشطة داخل سوريا منذ بداية حرب غزة، "لا سيما الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية، ما أدى إلى زيادة المخاوف بشأن اتساع رقعة النزاع".
وقال رئيس اللجنة الدولية باولو بينيرو: "بالنظر للاضطراب الذي تشهده المنطقة، يظل الجهد الدولي الحثيث لاحتواء القتال ضمن الأراضي السورية أمرا ملحاً. في سوريا كذلك، وقف إطلاق النار مطلب عاجل".
وأضاف: "لا يمكن للشعب السوري أن يتحمل أي تكثيف لهذه الحرب المدمرة التي طال أمدها. إن أكثر من %90 يعانون حالياً من الفقر، ويشهد الاقتصاد انهياراً تاماً في ظل تشديد العقوبات"، منبهاً إلى أن الانتشار المتزايد لحالة انعدام القانون يؤدي إلى ممارسات ضارة، وإلى الابتزاز من طرف القوات والمليشيات المسلحة في سوريا.
وسبق أن قال "باولو بينيرو" رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة، إن سوريا تشهد تصعيداً حاداً في أعمال العنف، الذي يجبر الآلاف على النزوح، لكن دون أن يلاحظه أحد خارج المنطقة، وسط حجم وشراسة الصراع في غزة والمعاناة التي لا توصف للمدنيين، التي كانت سبباً في إثارة غضب العالم أجمع.
وأضاف رئيس اللجنة المعنية بسوريا، والعضوين فيها هاني مجلي ولين ويلشمان، في مقال مشترك بصحيفة "نيويورك تايمز"، أن سوريا أيضاً بحاجة ماسة إلى وقف العنف، وقالوا: "لكن بدلاً من ذلك، أصبحت الحرب المستمرة منذ أكثر من 12 عاماً هناك (سوريا) أكثر حدة، وتمتد الآن على خمس جبهات من الصراع المتعدد الأوجه".
وأكدوا أن بذل جهد دولي مخصص لاحتواء القتال على الأراضي السورية، في ظل الاضطرابات التي تعيشها المنطقة، بات "أمراً ضرورياً"، واعتبر رئيس اللجنة الدولية والعضوين فيها، أن "أكثر من عقد من إراقة الدماء يحتاج إلى نهاية دبلوماسية".
وأشاروا إلى أن "من شأن الهدنة الدائمة في غزة أن تؤدي أيضاً إلى تهدئة الوضع في سوريا إلى حد كبير، مما يقلل من التوترات بين القوى الأجنبية التي تنشط عسكرياً داخل البلاد".
وسبق أن أكد "باولو بينيرو" رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بشأن سوريا، خلال حوار تفاعلي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين، وأن الحرب في سوريا لم تنته، لافتاً إلى أن "الجمود الحالي لا يطاق"، وأن "الشباب السوري يفرون (منها) بأعداد كبيرة".
ولفت بينيرو إلى أن أطراف النزاع في سوريا واصلت "ارتكاب جرائم الحرب وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية"، وبين أن اللجنة رصدت خلال النصف الأول من عام 2023، استمرار تعرض السوريين للقتل والاختفاء والتعذيب والاحتجاز التعسفي والتهجير والاستيلاء على ممتلكاتهم من قبل سلطات دمشق وثلاث جهات فاعلة رئيسة أخرى تسيطر على ثلث سوريا، وهي قوات "قسد" الكردية و"هيئة تحرير الشام" و"الجيش الوطني السوري".