
دمشق تمنح وزير خارجية كوريا الجنوبية أعلى درجات التكريم الدبلوماسي
في خطوة وُصفت بأنها استثنائية وترمز إلى تحوّل نوعي في السياسة الخارجية السورية، منحت دمشق وزير الخارجية الكوري الجنوبي “جو تيه-يول” أعلى درجات البروتوكول الدبلوماسي، خلال زيارته المفاجئة والسرية الأسبوع الماضي إلى العاصمة السورية، والتي أسفرت عن إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين لأول مرة، وذلك حسبما قالت وكالة يونهاب الكورية.
وأفادت مسؤولة كورية جنوبية في تصريحات نشرتها وكالة يونهاب، أن زيارة الوزير “جو” إلى دمشق يوم الخميس الماضي جرت وسط سرية كاملة بسبب الأوضاع الأمنية المتقلبة في سوريا، التي تشهد تحولاً سياسياً عميقاً بعد سقوط نظام بشار الأسد وتسلُّم حكومة انتقالية جديدة للسلطة.
وقالت المسؤولة إن حجم الترتيبات الأمنية المخصصة للوزير الكوري تجاوز ثلاثة أضعاف المعايير المعتادة، مضيفة أن “الوزير حظي بمواكبة أمنية عالية المستوى منذ لحظة وصوله إلى مطار دمشق وحتى مغادرته باتجاه الحدود اللبنانية”.
استقبال رسمي من أعلى المستويات
وخلال الزيارة التي لم تتجاوز خمس ساعات، التقى “جو تيه-يول” بنظيره السوري “أسعد الشيباني”، الذي فاجأ الوفد الكوري بمرافقة الوزير شخصياً إلى القصر الجمهوري، في لفتة بروتوكولية وُصفت بأنها “أقصى درجات المجاملة في الأعراف الدبلوماسية العربية”.
وفي القصر الرئاسي، أجرى الوزير الكوري زيارة مجاملة إلى الرئيس السوري المؤقت “أحمد الشرع”، في أول لقاء من نوعه منذ تأسيس الحكومة الجديدة في سوريا.
شراكة استراتيجية مرتقبة في الاقتصاد والتكنولوجيا
وخلال المحادثات، أبدت الحكومة السورية اهتماماً كبيراً بتبني “النموذج الكوري الجنوبي” في إعادة الإعمار والنمو الاقتصادي، معربة عن استعدادها لإرسال وفد رسمي إلى سيئول لبحث التعاون في مجالات التنمية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، ومشاريع إعادة الإعمار.
كما أعربت دمشق عن تطلعها لتأسيس “شراكة استراتيجية” مع كوريا الجنوبية، وطلبت دعمها في ملف العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.
وقالت المسؤولة الكورية: “إنها أول إقامة علاقات دبلوماسية للحكومة السورية الجديدة، وتعتبر كوريا الجنوبية شريكاً رئيسياً في مرحلة ما بعد الحرب”، مشيرة إلى أن الشركات الكورية قد تجد فرصاً واسعة للمساهمة في مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار.
لا سفارات حتى الآن.. وسفارة مؤقتة في بيروت
ولم يتم بعد مناقشة فتح سفارات متبادلة بين البلدين، لكن من المتوقع أن يتم التطرق للموضوع في محادثات لاحقة. وفي الوقت الراهن، ستتولى السفارة الكورية الجنوبية في بيروت متابعة الشؤون السورية بشكل مؤقت.
فكّ الارتباط مع بيونغ يانغ
أشارت التصريحات أيضاً إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولاً في السياسة الخارجية السورية، حيث كانت دمشق تاريخياً على علاقة وثيقة مع كوريا الشمالية. وأوضحت أن الحكومة الجديدة تسعى لتطوير علاقات دبلوماسية مستقلة تعزز موقع سوريا على الساحة الدولية، وتساهم في استقرار المنطقة.
كانت كوريا الجنوبية من الدول التي لم تقم بعلاقات رسمية مع سوريا طيلة العقود الماضية، وقد شكّلت زيارة الوزير “جو” إلى دمشق تتويجاً لجهود سيئول في إقامة علاقات مع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، باستثناء كوريا الشمالية. كما تأتي هذه الخطوة في سياق إعادة تموضع سوريا الجديد دبلوماسيًا، ضمن رؤية الحكومة لبناء شراكات مع قوى اقتصادية دولية.