"الأمم المتحدة" تنوي إعادة 30 ألف لاجئ من لبنان وحقوقي يرد: النظام لم يغيّر "سلوكه الإجرامي"
كشفت مفوضية "الأمم المتحدة"، عن خطة تُعدها لإعادة 30 ألف لاجئ سوري من لبنان "طوعاً" خلال الفترة المقبلة، متحدثة عن وجود "تغير إيجابي" في تعامل نظام الأسد مع الملف، رغم كل المخاطر التي تحيط بالعائدين وتحذيرات المنظمات الحقوقية من عواقب إعادة اللاجئين.
وقالت مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية روفيندريني مينيكديويلا، خلال لقائها بوزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، الجمعة، إنّ "هناك زخماً يمكن البناء عليه للعمل على مسألة التعافي المبكر لتسهيل عودة النازحين".
زوفق ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، كشفت المسؤولة الأممية أنّ "المفوضية تعمل على إعادة 30 ألف نازح سوري بصورة طوعية من لبنان إلى سورية خلال الفترة المقبلة". وبدوره، شجع بو حبيب المسؤولة الأممية على "الاستمرار بهذا المسار، لا سيما أن هناك مناطق كثيرة في سورية باتت آمنة لعودتهم"، على حدّ قوله.
وقوبلت التصريحات برفض شديد من قبل مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، الذي أكد أنّ النظام السوري لم يغيّر "سلوكه الإجرامي" على الإطلاق. وأوضح عبد الغني، في حديث لموقع "العربي الجديد"، قائلاً "نحن مؤسسة وطنية، ودورنا هو مراقبة عمل الأمم المتحدة، وليس التسليم به. إذا توافقت معايير الأمم المتحدة والتحقيقات التي تجريها مع ما نقوم به، فهذا يعد إيجابياً، ويعني أننا على المسار ذاته".
وأضاف عبد الغني: "لكن إذا لم تتوافق تلك المعايير معنا، فإن دورنا هو تقديم التوصيات للأمم المتحدة، والضغط عليها لتقديم توضيحات. الأمم المتحدة قد لا تكون لديها الرؤية الكاملة أو القدرة على الوصول إلى المعلومات، بينما نحن نمتلك فريقاً أكبر وإمكانيات أوسع. اختصاصنا هو توثيق الانتهاكات في سورية، وبصفتي مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أختلف مع مساعدة المفوض السامي لحقوق الإنسان في القول إن هناك تحسناً ملموساً يمكن البناء عليه".
وتابع: "أعارض هذا التصريح تماماً، فالمؤشرات لدينا تشير إلى أن النظام السوري لا يزال يتصرف بوحشية وبربرية تجاه مواطنيه، ولم يقم بأي خطوات إصلاحية. لم يُلغِ محكمة مكافحة الإرهاب، ولم يحاسب الأجهزة الأمنية، ولم يكشف عن مصير 112 ألف مختفٍ قسرياً. عمليات التعذيب مستمرة، والسلطة القضائية التي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية لا تزال دون إصلاح".
أكد عبد الغني أن الأجهزة القضائية في سورية ما زالت في حالة إقصاء، موضحاً أن "الانتخابات التشريعية التي شهدناها كانت مجرد مسرحية، ما يعني أن استقلال القضاء لا يزال غائباً. ومع استمرار هزلية هذه الانتخابات، فلا يمكن الحديث عن أي تحسن في سلوك النظام".
وأضاف أن الاعتقالات التعسفية ونهب الأراضي والسيطرة على الملكيات والحجز الاحتياطي لا تزال مستمرة. وشدد عبد الغني على أن النظام السوري لم يغير سلوكه منذ عام 2011، حيث لم تتوقف الانتهاكات، ولم يُحاسب أي مسؤول أمني على الجرائم المرتكبة.
وأشار إلى "ضرورة تقديم نقد موضوعي للأمم المتحدة"، موضحاً أنّ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قدمت دعماً كبيراً للاجئين السوريين على مدى السنوات الماضية، لكنه انتقد ما وصفه بـ"التغيير غير الموفق" في موقف المفوضية الذي اعتبر سورية آمنة للعودة. وأضاف: "المفوضية لم تضغط بما فيه الكفاية على الدول لزيادة استقبال اللاجئين، وكان هناك تقصير واضح في أدائها".
وختم عبد الغني بالقول إن أي حديث عن إعادة اللاجئين إلى سورية هو حديث غير موفق وغير دقيق ويتعارض مع القانون الدولي، مؤكداً أن "العودة الطوعية في ظل الظروف الحالية تعني تعريضهم لخطر التعذيب والإخفاء القسري وربما القتل"، مشدداً على أن "حالات العودة الآمنة هي استثناء وليست القاعدة".
وأكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية أن البلاد لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين، وجاء ذلك في سياق ردها على عمليات ترحيل اللاجئين السوريين التي اتخذتها الحكومة اللبنانية في الأشهر الماضية.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة التابعة للأمم المتحدة يوهان إيركسون، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن موقف اللجنة واضح وثابت، حيث إن سورية "لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين، ولا يزال المدنيون يعانون من غياب سيادة القانون وانعدام الأمن". وأضاف أن البلاد تشهد موجة عنف غير مسبوقة لم تشهدها منذ أربع سنوات، وفق مانقل موقع "العربي الجديد".