من طرطوس إلى قبرص .. تصاعد تدفق المهاجرين من مناطق سيطرة النظام
أصدرت وزارة الداخلية القبرصية، بياناً يوم أمس الخميس 20 تموز/ يوليو، قالت فيه إنها تبذل جهودا لإدارة ظاهرة المهاجرين المتزايدة، ولا سيما من سوريا، وسط تقارير تشير إلى تصاعد تدفق المهاجرين من الساحل السوري وتحديدا ميناء طرطوس نحو قبرص.
وذكرت الوزارة أن هناك تغييرات حديثة في أساليب نقل المهاجرين، مما أثر على عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون عن طريق البحر، وأشارت إلى أن هناك زيادة في أعداد المواطنين السوريين، وأضافت أن طلبات اللجوء لا تزال أقل بكثير من العام الماضي، نتيجة التدابير المنسقة التي تم اتخاذها.
وقدرت السلطات القبرصية أنه ابتداءً من التاسع من مايو/ أيار الماضي وحتى 14 يوليو/ تموز الجاري، وصل 19 قارباً إلى قبرص مع 452 مهاجراً سورياً، في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين السوريين الذين يصلون إلى الجزيرة على متن قوارب مجتازين البحر الأبيض المتوسط.
وكانت ناشدت قبرص الاتحاد الأوروبي لمساعدتها في استيعاب المهاجرين السوريين الذين أغرقوا مراكز الاستقبال لديها، ونقلت وكالة "فرانس برس" عن وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس قوله إنّ "قبرص شهدت، الأسبوع الجاري، موجة يومية من المهاجرين الواصلين إليها بحراً من ميناء طرطوس السوري".
وفي قارب واحد من القوارب المنطلقة من الشواطئ السورية، وتحديداً من شواطئ محافظة طرطوس في غرب البلاد، اعترض خفر السواحل القبرصي طريق 97 مهاجراً سورياً في نهاية الأسبوع الماضي.
وأفادت السلطات القبرصية بإنقاذ 45 مهاجرا سوريا، كانوا على متن قاربين قبالة سواحلها، يوم الجمعة 23 حزيران/يونيو، الماضي كما قبضت السلطات على شخصين للاشتباه في تطورتهم بتهريب المهاجرين على متن القاربين.
وخلال التحقيق مع طالبي اللجوء أكدوا أنهم استقلوا قاربهم المصنوع من الألياف الزجاجية الذي يبلغ طوله ستة أمتار، من سواحل مدينة طرطوس غربي سوريا، وأنهم اضطروا إلى دفع ما بين 3000 و3500 دولار أميركي للرحلة التي يبلغ طولها 170 كيلومتراً.
وقبل أيام قال "الائتلاف الوطني السوري"، إن نظام الأسد يتحمل كامل مسؤولية استمرار الهجرة، وتدفق موجات اللجوء، بسبب نهجه القمعي وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة التي يرتكبها بحق الشعب السوري واستمرار الاعتقال والتعذيب في سجونه.
وكان سلّط تقرير نشرته جريدة تابعة لإعلام النظام الرسمي الضوء مجدداً على ظاهرة الهجرة المتزايدة من مناطق سيطرة نظام الأسد، وتحدثت الجريدة عن وجود "أرقام مخيفة" عن تجنيس الكفاءات السورية المهاجرة وسط مؤشرات إلى تحول سوريا إلى دولة عجوز، نتيجة لذلك.
وقال "خليل عجمي"، رئيس الجامعة الافتراضية السورية في حديثه لوسائل إعلام تابعة لنظام الأسد إن "غالبية السوريين ممن تم تجنيسهم في ألمانيا هم من أصحاب الخبرات والكفاءات والمهارات الذين تعلموا وتدربوا في سوريا بكلف عالية تحملتها الدولة، وحصلت عليهم اليوم ألمانيا مجاناً"، وفق تعبيره.
واعتبر "عجمي"، أن تصدير الكفاءات والقوة البشرية هو أسوأ أنواع التصدير كونه يحول سوريا إلى بلد ذات اقتصاد ضعيف قائم على المعونات الخارجية حتى ولو كانت من أبنائها، وأعرب عن أسفه لجهة أن الحديث عن هجرة الكفاءات، والمطالبة بإيقاف نزيفها بات كالنفخ في قربة مقطوعة.
وفي حديثها لإعلام النظام بررت الدكتورة "نسرين موشلي"، أن سوء التخطيط في إدارة الموارد البشرية هو السبب الأول في دفع الكوادر والكفاءات الشاب والخبيرة للهجرة، وتوقعت أن سوريا بالمراتب الأولى لهجرة الكفاءات نتيجة فشل السياسات الحكومية في استثمار الكفاءات الشابة وكأنهم خرجوا من الحسابات.
وتضمن تقرير الجريدة التابعة للنظام ما قالت إنها "أرقام صادمة"، رغم ندرة بالأرقام والإحصائيات التي تتناول موضوع هجرة الكفاءات وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة، واعتبرت أن المشكلة الأخطر أن هجرة الكفاءات لم تتوقف عند حدود الشباب الخريجين بل لم يسلم منها الحرفيين أيضاً.
وتشير الأرقام إلى أن سوريا فقدت نحو 80% من حرفها اليدوية، وقال إعلام النظام نقلا عن خريجين في الجامعات إن "ظاهرة هجرة الكفاءات مأساة و كارثة، واعتبروا أنها أسوأ ما يحصل من تداعيات للحرب فبعد أن رعتهم الدولة وحمَّلتهم شهادات هاجروا ليخدموا بها بلاداً كانت ولا تزال عدواً يتآمر علينا".
وبرر التقرير نقص الكوادر الطبية بسبب الهجرة وتجنيس الأطباء وخاصة أطباء التخدير، الذي يبلغ عددهم اليوم في سوريا أقل من 500 طبيباً، إضافة إلى أن 70% من خريجي طب الأسنان الجدد يهاجرون، بحسب تصريح رسمي، وسط تأكيدات أن ظاهرة هجرة الكفاءات لن توقف.
ورغم تشكيل النظام السوري "اللجنة الوطنية للحد من الهجرة"، التي أحدثت منذ عدة سنوات، والتي تضم وزارت الداخلية والخارجية والتعليم العالي والإعلام وغيرها لم يستطيع النظام السوري وقف نزيف الهجرة، وخلص التقرير إلى أن سوريا مهددة بأن تتحول إلى دولة عجوز بعدما كانت نسبة الشباب تفوق الـ 60%.
ودعت الجريدة إلى أن "يكون ملف الشباب من ضمن الأولويات بعيداً عن الشعارات والتصريحات والوعود الخلبية، وتحديد أسباب الهجرة ونسفها وفق خطط مدروسة تعطي القيمة المادية والمعنية لأصحاب الكفاءات والخبرات، فالبكاء على الأطلال ليس حلاً، ويجب اتخاذ قرارات جريئة تجعل الشباب أكثرة رغبة وتمسكاً بالبقاء بالوطن".
وصرح الخبير الاقتصادي "حسن حزوري"، بأن الراتب الذي تدفعه حكومة نظام الأسد لا يكفي أياماً معدودة، بل أصبح لا يكفي مصروف يوم واحد فقط، ووسط تزايد حالة الهجرة وترك الوظائف الحكومية تلجأ حكومة النظام إلى رفض هذه الاستقالات وفرض إجراءات معقدة.
وأكدت مصادر إعلامية مقربة من نظام الأسد وجود تعميم من وزير الصناعة يحرم العامل من حق الاستقالة، وبرر مصادر في الوزارة أن الصناعة مضطرة لهذا التصرف، لأن أعداد المتقدمين للاستقالات كبير جداً، وأن الموافقة على كل الطلبات تعني تفريغ الشركات من كوادرها.
وتصدرت سوريا التي يحكمها الطاغية "بشار الأسد"، كأسوأ دولة ضمن الدول العربية، في معدلات هجرة الكفاءات والكوادر العلمية، وفق تقرير نشره موقع Global Economy، المتخصص بدراسة الآفاق الاقتصادية للبلدان، ويدل ارتفاع المؤشر على معاناة الدولة من حجم هجرة متزايد للكفاءات نتيجة للأوضاع الداخلية السيئة والصعبة.