"حرب الكمأة".. إيران تحول بادية سوريا لثقب أسود وتكرر جرائم القتل والخطف والتشريد
أفادت مصادر محلية بأنّ البادية السوريّة، شهدت تصاعداً ملحوظاً بحوادث القتل والخطف والتهجير الناتج عن تزايد هذه الحوادث، وتشير أصابع الإتهام نحو ميليشيات إيرانية تتمركز في البادية وتعمد إلى ارتكاب هذه الجرائم بدافع طائفية، يضاف لها مؤخراً "حرب الكمأة"، حيث تتصيد الميليشيات الباحثين عن الفطر الطبيعي بمناطق شرقي سوريا.
وتحولت البادية السورية وعموم الأرياف الشرقية لمحافظات حمص وحماة ودير الزور وحلب إلى مسرح جريمة تكرر عليه عمليات القتل والخطف وسط حالة من الخوف والهلع التي تصيب السكان في المناطق القريبة من البادية لا سيّما المزارعين ومربي المواشي، وسط انعدام تام للأمن وانتشار عمليات القتل والخطف.
وتواترت الأنباء حول هذه العمليات ويأتي الإعلان عن جزء منها عبر وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد تتهم تنظيم داعش بالوقوف خلف عمليات القتل والخطف، إلا أن العديد من المؤشرات ومنها خضوع المناطق التي تشهد هذه الحوادث إلى سيطرة ميليشيات النظام تدفع بالعديد من المراقبين إلى استبعاد هذه الرواية، علاوة على كونها تتناقض مع مزاعم سابقة حول تطهير المنطقة من "الإرهابيين"، وفق إعلام النظام.
وأكدت مصادر إعلامية محلية في محافظة دير الزور شرقي سوريا، وقوع حادثة اختطاف طالت عدد من أبناء بلدتي "عياش والبغيلية"، بريف المحافظة بينهم طفلاً ظهر بتسجيل مصور يكشف عن تعرضه للاختطاف، في حادثة سجلت ضد مجهول، وسط معلومات عن التجهيز لحملة تمشيط جديدة في البادية السورية.
فيما قامت صفحة إخبارية محلية بإجراء استطلاعًا للرأي جاء في نتيجته التصويت بأن ميليشيات النظام وإيران هي المسؤولة عن الهجمات على المدنيين في بادية دير الزور الجنوبية الغربية، بنسبة تصل إلى 93% مقابل 7% نتيجة لوقوف خلايا داعش خلف هذه العمليات المتكررة والتي تسببت بمقتل وجرح وخطف العشرات.
ولا تقتصر المخاطر التي يتعرض لها الباحثين عن الفطر الطبيعي "الكمأة"، على الهجمات المستمرة، بل شهدت الفترة الماضية حوادث كثيرة نتج عنها قتل وجرح عدد كبير من الأشخاص بسبب انفجارات لمخلفات الحرب كان أبرزها في أرياف حماة وسط البلاد ودير الزور شرقي سوريا.
في حين تشير تقارير حقوقية إلى أن الميليشيات الإيرانية تحتكر محصول الكمأة في المنطقة الأمر الذي يؤدي إلى نشوب خلافات متكررة بينهم وبين الأهالي، ويعد ذلك من أبرز أسباب تزايد حالات القتل والخطف والتشريد في البادية السورية، ويذكر أن تنظيم داعش لم يتبنى أي عملية من هذا النوع خلال الفترة الماضية.
وفي شباط/ فبراير الماضي تمكن الأهالي من العثور على جثامين 40 شخصاً على الأقل، 15 منهم عائدة لمدنيين من قبيلة بني خالد، في منطقة تقع شرق بلدة السخنة بريف محافظة حمص الشرقي، والذين تم فقدانهم بعد ذهابهم لجني محصول الكمأة.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن أغلب الجثامين يظهر عليها آثار إطلاق رصاص مع استمرار تحقيقات الشبكة لتحديد الجهة المسؤولة عن عملية القتل، وتدور الشكوك حول عناصر مسلحة تابعة للميليشيات الإيرانية الموالية لقوات النظام السوري التي تسيطر على المنطقة ولم تقم بأي تحقيق لكشف المتورطين بعملية القتل.
وتتناقل مواقع ومصادر إعلامية معلومات عن حادثة قتل جديدة على يد ميليشيات إيرانية شرقي حلب دون تأكيد حتى الآن، وفي آذار 2021 وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 4 مدنيين من عائلة واحدة، بينهم سيدتان، إطلاق عناصر مسلحة يعتقد أنها تابعة لميليشيات موالية لقوات النظام السوري الرصاص عليهم لدى وجودهم لجمع الكمأة في بادية قرية المحسن بريف محافظة حلب الشرقي.
وقضى العشرات من المواطنين وأصيب آخرون إصابات بالغة خلال الشهر الماضي، أثناء جمعهم الكمأة في البادية الشرقية بين حماة وحمص، وأرياف دير الزور والرقة.
وقالت مصادر إعلامية مقربة من نظام الأسد إن الكمأة تشكل مصدر إغراء للعديد من المواطنين الذين ينظمون ورشات من أهالي المنطقة لجمعها، لكونها متوافرة بهذا الموسم الشتوي، ومطلوبة وأسعارها عالية.
وذكرت أنه رغم التحذيرات التي تطلقها الجهات المختصة بعدم الدخول إلى البادية، فإن ورشات كثيرة لا تكترث وتدخل المنطقة المحظورة بشاحناتها، التي غالباً ما تتفجر تحتها ألغام وتقضي على ركابها كما حدث مؤخراً.
وقدرت أن بعض المتعهدين يرغّبون المواطنين بأجرة الساعة لجمع الكمأة وهي نحو 2500 ليرة، فيما يبيعون هم الكيلو بنحو 80000 ليرة، ولفتت إلى أن البادية الشرقية شهدت هذا العام توافراً لفطر الكمأة، وسط غياب تقديرات رسمية لكمياته لكونه يوجد حراً بالطبيعة.
وتجدر الإشارة إلى أن مناطق متفرقة من ريف دمشق وحلب وإدلب ودرعا ودير الزور وغيرها من المناطق التي تعرضت لحملات عسكرية سابقة تشهد انفجارات متتالية، بسبب الألغام ومخلفات قصف طيران الأسد وحليفه الروسي، وتتعمد ميليشيات النظام المجرم عدم إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة من المناطق التي ثارت ضده، على الرغم من تواجدها في المنطقة منذ فترة طويلة، انتقاماً من سكان تلك المناطق.