"عقد قسد الاجتماعي" .. "جمهورية سوريا الديمقراطية" بدلاً من "الجمهورية العربية السورية"
شرعت وسائل إعلام تابعة لـ"الإدارة الذاتية"، الذراع المدنية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بنشر تقارير قالت إنها للتعريف بمضمون ما يسمى بـ"العقد الاجتماعي لإقليم شمال وشرق سوريا"، وتضمن التقرير الأول الإشارة إلى تسمية سوريا بـ"جمهورية سوريا الديمقراطية"، بدلاً من "الجمهورية العربية السورية".
واعتبر التقرير التعريفي الأول من أصل 9 تقارير من المنتظر نشرها عبر وكالة أنباء "هاوار" التابعة للإدارة الذاتية، أن العقد الاجتماعي يولي الأهمية لشكل الحكم في جمهورية سوريا الديمقراطية، على أن يكون لا مركزياً تعددياً يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات بدلاً من الجمهورية العربية السورية التي همّشت حقوق الأقليات السورية فيها.
وذكرت أن "للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، التي هي جزء لا يتجزأ من جمهورية سوريا الديمقراطية، علم خاص يرفع إلى جانب علم جمهورية سوريا الديمقراطية، ولها شعارها الخاص"، وتطرقت إلى شكل نظام الحكم بأن يكون اجتماعياً، ويستند على مفاهيم، الديمقراطية، البيئة، المجتمع، حرية المرأة.
واعتمد ميثاق العقد الاجتماعي على ثلاث لغات أساسية (العربية، الكردية، السريانية)، وقال إن الإدارة الذاتية الديمقراطية تسهم في تنظيم وتكريس النظام الكونفدرالي الديمقراطي للمرأة ككيان خاص بها، ويضمن الحقوق المتساوية بين الجنسين، حيث تتمتع المرأة بإرادتها الحرة في العائلة الديمقراطية التي تؤسس على أساس الحياة الندية المشتركة.
وتتكون الإدارة الذاتية من مقاطعات مبنية على مفهوم الديمقراطية المحلية المعتمدة على النظام الديمقراطي، الذي يتخذ من التنظيمات الديمقراطية الكونفدرالية للمجموعات والشرائح الاجتماعية أساساً له، لا تحتكر الإدارة الذاتية الثروات والموارد الطبيعية لنفسها، تُعدّ الديباجة جوهر ميثاق العقد الاجتماعي وجزءاً لا يتجزأ منه، وتحدثت باسم سكان المنطقة.
وفي أبرز الردود على إعلان مشروع "العقد الاجتماعي، كان هاجم "محمد خير العكام"، عضو في ما يسمى بـ"مجلس الشعب"، المعروف بـ"مجلس التصفيق"، لدى نظام الأسد، تشكيل مفوضية عليا للانتخابات من قبل "الإدارة الذاتية"، معتبرا أنها "غير قانونية وغير دستورية"، وربط بين وجود "قسد" والوجود الأميركي في المنطقة، وأضاف: "اعتقد أن نهاية هذا المشروع قريبة لأن نهاية وجود القوات الأميركية في المنطقة قريبة وليست ببعيدة".
وأعلنت "هيئة التنسيق الوطنية"، رفضها مشروع "العقد الاجتماعي"، وقالت إنه "يتأسس على الاتحاد الكونفدرالي"، وله "ارتدادات سلبية كبرى متوقعة على الدولة والشعب السوري"، واعتبرت أن تبني مجلس "مسد" لـ"العقد الاجتماعي"، بمثابة "خروج منفرد" عن وثيقة التفاهم الموقعة بين الجانبين، وبادرة تشكل "نكوصاً" عن التفاهم بينهما، وتقطع الطريق أمام بناء التحالفات مع "القوى السياسية الوطنية السورية".
وعبرت "جماعة الإخوان المسلمين في سوريا"، عن رفضها مشروع "العقد الاجتماعي"، وقالت إن هذا العقد "يُعبِّر عن تغييرات سياسية واجتماعية وثقافية خطيرة، تهدد وحدة سورية وتستأثر بتقرير مستقبلها وتغيِّرُ اسمها وتبدل هويتها"، وأكدت أتتابع بقلق هذه التوجهات، مشددة على أن مستقبل سورية شأن عام يقرره السوريون جميعاً، ولا يمكن لأي جهة مهما كانت أن تختطف هذا الحق وتفرض سياسة الأمر الواقع تحت أي ظرف من الظروف.
في ذات السياق، أعلن "المجلس الإسلاميّ السوريّ"، رفضه مشروع "العقد الاجتماعي"، وقال إنه يشكل "مشروع انفصال مبطّن" في خطوات سياسية آثمةٍ تقوم بها ميليشيات انفصاليّة (قسد) تسيطر بدعمٍ أمريكيّ على شمال شرق سوريّة، وأكد المجلس أن ما جاء في وثائقه السابقة المتعلّقة بـ “الهويّة السوريّة” و”مبادئ الثورة السوريّة”، التي رأى الموقّعون عليها أن التمسّك بها والوقوف عندها مستندٌ مهمٌ لتحقيق أهداف الثورة وانتصارها، وقال إنه يثق بخيارات الشعب السوريّ الحرّ، الذي يرفض كلّ ما يعارض هويّته ومبادئه وقيمه.
وكان انتقد سياسيون وناشطون أكراد، "العقد الاجتماعي" الذي أعلنت عنه "الإدارة الذاتية" في مناطق سيطرتها بدون إرادة أبناء المنطقة وتطلعاتهم وآمالهم، لا يمت بأي صلة إلى الحقائق الجغرافية والقانونية، وأن هذا الدستور يمثل "ب ك ك" فقط.
وقال السياسي الكردي المخضرم الدكتور محمود عثمان: إن "الأحزاب في شرقي سوريا منقسمة إلى قسمين، أحزاب المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، والجانبان على خلاف منذ فترة طويلة، وقبل ثماني أو تسع سنوات، حاول الزعيم الكردي مسعود بارزاني توحيدهم، لكنهم لم يتفقوا، وحاول الأمريكيون مساعدتهم، إلا أنهم ما زالوا غير متفقين".
في وقت اعتبر الكاتب والمحامي الكردي السوري "حسين جلبي"، أن مشروع "العقد الاجتماعي" المعلن من قبل جهات مشبوهة تعمل في غرف مظلمة، يفتقد للشرعية القانونية التي تبنى أصلاً على الشرعية الشعبية، لافتاً إلى أن المشروع عديم القيمة غير قابل للتنفيذ.
وأكد الكاتب أن إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، غيرت اسمهم وتسمية مناطق الكرد دون أخذ رأيهم، إذ لم يعد هناك كرد ولم تعد هناك كوردستان سوريا أو غربي كوردستان أو حتى المناطق الكردية السورية، منذ تقاطر كوادر PKK على المنطقة من جبال قنديل، بناءً على تفاهم مع نظام الأسد، وإعلانهم "ثورة روجآفا"، التي تبين بأنها مجرد "زوبعة في فنجان النظام"، هدفها الحفاظ على سلطته في المنطقة وحماية ثرواتها لمصلحته، وتغيير ديموغرافيتها.
من جهته، قال د.محمود عثمان: "لم يكتبوا هذا الدستور معًا، ولم يتفقوا عليه، مما يعني أن الدستور يمثل حزباً واحد فقط ولا فائدة منه، لأن أحد الجانبين يقبله والجانب الآخر يعارضه"، ولفت إلى أن "هناك رغبة في تدمير غربي كوردستان، ولو أنهم اتحدوا في خطوة كتابة الدستور، فلربما كانوا أكثر قدرة على المقاومة نوعاً ما، وفي أي جزء من كوردستان، إن كانت الأحزاب السياسية متحدة، سيكون وضعهم جيد، أما إذا كانوا ضد بعضهم البعض، سيكون وضعهم سيئاً".
بدوره، قال "نافع عبد الله" القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا لموقع (باسنيوز): "نحن لسنا معنيين بهذا العقد ولا يمثل سوى الجهة التي قامت بكتابتها أو تعديلها"، وأضاف أن "أحد نقاط الخلاف مع الأحزاب المشاركة مع PYD في الحوار الكردي - الكردي كان عقدهم الاجتماعي"، وأوضح أنه "سوف نعلن موقفنا الرسمي من خلال بيان أو تصريح من المجلس الوطني الكوردي في سوريا".
فيما قال الناشط الحقوقي محمود علو لـ (باسنيوز)، إن "هذا العقد الجديد الذي صاغه كوادر PKK جاء من دون إرادة أبناء المنطقة، ولا يمت بأي صلة إلى الحقائق الجغرافية"، ولفت إلى أن "PKK ينكر في ما يسمى بعقده الجديد جغرافية غربي كوردستان، وينكر حقيقة كوردستان والشعب الكردي، ولا يأخذ بعين الاعتبار تطلعات وآمال أبناء المنطقة".
وأشار علو إلى أن "هذا العقد تم صياغته من قبل أذرع PKK وفق إيدلوجية الحزب، وليست له أية شرعية قانونية"، ولفت إلى أن "هذا العقد لم تشارك في صياغته أي جهات قانونية مختصة أو ممثلي مكونات المنطقة الحقيقيين، وسوف يبقى حبراً على الورق".
وكانت صادقت "الإدارة الذاتية"، المظلة السياسية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، في 12 كانون الأول من عام 2023، على مشروع "العقد الاجتماعي" المكون من 134 مادة، وغيرت التسمية الحالية لها في العقد الاجتماعي الجديد، لتصبح "الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا"، ليصبح العقد الاجتماعي نافذًا بتاريخ المصادقة عليه، ونشرت تفاصيل هذه المواد المتنوعة، والتي تشبه حسب مراقبين "الدستور الداخلي" الخاص بمناطق سيطرة "قسد".