"المرصد الأورومتوسطي" يُحمل حكومة النظام مسؤولية مجزرة "دير العدس" بدرعا
عبر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، عن أسفه الشديد إزاء مقتل 11 سوريًا وإصابة آخرين بانفجار لغم أرضي في مركبتهم قرب محافظة درعا جنوبي سوريا، محملاً حكومة الأسد المسؤولية عن الاستهتار في تحييد المناطق التي تسيطر عليها من مخاطر الألغام.
وقال المرصد في بيان صحفي الأحد، إنّ لغمًا أرضيًا من مخلفات النزاع انفجر بشاحنة تقل أكثر من 35 مدنيًا بينهم نساء وأطفال كانوا متوجهين على ما يبدو إلى العمل في الأراضي الزراعية قرب قرية "دير العدس" شمال غرب "درعا" يوم السبت، ما أدّى إلى مقتل 11 شخصًا بينهم نساء وأطفال، وإصابة نحو 25 آخرين بعضهم بحالة خطيرة.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ الحادثة تمثّل تذكيرًا مأساويًا بالمخاطر المميتة التي تشكّلها الألغام الأرضية في سوريا، خاصة في ظل عدم وجود برنامج وطني أو دولي لنزع الألغام في البلاد، رغم انتشارها على نحو واسع بفعل النزاع المستمر منذ أكثر من 11 عامًا.
وتقع المنطقة محلّ الحادثة تحت سيطرة حكومة النظام، غير أنّه لم يتسن حتى الآن معرفة الجهة التي زرعت اللغم، مع عدم وضوح الظروف المحيطة بالحادثة، إضافة إلى التغيّر الذي شهدته خريطة السيطرة العسكرية في المنطقة قبل سنوات، وفق المرصد.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي على مسؤولية حكومة النظام في تحييد خطر الألغام في المناطق التي تسيطر عليها، إذ يقع على عاتقها التأكد من خلو المناطق السكنية والمزارع والطرق وجميع المرافق الأخرى من الألغام، ووضع إشارات تحذيرية واضحة في المواقع التي يعتقد وجود ألغام فيها، وخصوصًا في المناطق التي شهدت اشتباكات مسلحة خلال السنوات الماضية.
ولفت إلى أن تلك الحكومة تكتفي بعد السيطرة على منطقة ما بتنفيذ عمليات محدودة جدًا لنزع الألغام أو تفجير الذخائر، ولا تهتم على ما يبدو بتسخير مواردها البشرية والمادية لتطهير تلك المناطق على نحو كامل.
ومنذ بداية العام الجاري، تحقّق المرصد الأورومتوسطي من مقتل أكثر من 65 سوريًا، حوالي نصفهم أطفال، وإصابة عشرات آخرين بفعل انفجار ألغام أرضية وذخائر من مخلفات العمليات العسكرية في محافظات سورية عدة، وفي بعض الحوادث، كان الضحايا أشقّاء أو من نفس العائلة.
وقالت المتحدثة الإعلامية لدى المرصد الأورومتوسطي "نور علوان": "تكتفي الحكومة السورية بعد السيطرة على منطقة ما بتنفيذ عمليات محدودة جدًا لنزع الألغام أو تفجير الذخائر، ولا تهتم على ما يبدو بتسخير مواردها البشرية والمادية لتطهير تلك المناطق على نحو كامل، ما يتسبب عادة بخسائر فادحة في أرواح وممتلكات المدنيين بعد عودتهم إلى بيوتهم".
وأضافت أنّ "أطراف النزاع في سوريا نشرت بدرجات متفاوتة أعدادًا لا تُحصى من الألغام في جميع المناطق التي شهدت عمليات عسكرية، لكنّ أيًا منها لم يتخذ إجراءات جادة لمكافحة تلك الألغام، أو حتى التعاون لتحديد أماكنها والتحذير منها أو تفكيكها".
ومنذ مارس/ آذار 2011 وحتى بداية العام الجاري، قُتل نحو 2800 سوري وأصيب آلاف آخرون نتيجة انفجار الألغام الأرضية والذخائر من مخلفات العمليات العسكرية في معظم المحافظات السورية، بحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، نشر المرصد الأورومتوسطي تقريرًا حذّر فيه من الانتشار الواسع للألغام الأرضية في سوريا، ونبّه إلى عدم وجود معلومات دقيقة حول أماكن انتشار الألغام، أو جهود حثيثة لمكافحتها، ما قد يؤدي إلى استمرار الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها لمدة طويلة حتى بعد انتهاء النزاع.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ استخدام الألغام الأرضية محظور بموجب عدد من المواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية "حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام- اتفاقية أوتاوا 1997"، والتي لم تنضم لها سوريا حتى الآن.
ودعا المرصد الأورومتوسطي دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (أونماس) إلى تعزيز عملها في سوريا، وإطلاق برنامج إنساني لمكافحة ونزع الألغام في البلاد، وتسخير الموارد المالية واللوجستية اللازمة لتطهير المحافظات السورية من الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة.
وحث المرصد الأورومتوسطي جميع أطراف النزاع وفي مقدمتها الحكومة السورية على التوقّف عن استخدام الألغام الأرضية، والتعاون في مكافحتها، والإفصاح عن أماكن نشرها، وبذل كل الجهود من أجل تحييد خطرها.