التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري
تمرّ الثورة السورية هذه الأيام بمنعطف خطير وليس لاحد من الاحرار والثوار منأى من أثاره أو التهرّب من مسؤولياته الثورية والاخلاقيّة، فهم المستهدف الأول والأخير من هذه المخططات الدوليّة والإقليمية.
نظام أسد المجرم يساوم المجتمع الدولي ويبتزّهم ويطالبهم بشراكته في محاربة الإرهاب للقضاء على الثورة، مما يجعلنا جميعا أمام مصير واحد وهو إمّا الموت أو الهزيمة، مما يحتِّم علينا تجاوز الخلافات وتجميد الخصومات وتأجيل العداوات التي نشأت بين أبناء الثورة والتي راكمت كثير من المشكلات التي وصل البعض منها حالة الاستعصاء، وتحتاج الى وقت طويل وجهود كبيرة قد لا يسعفنا الوقت لحلّها بسبب تزاحم الاستحقاقات وتسارع الاحداث المصيرية.
كما أنّه تلوح في الأفق حرب إقليمية لا تُعرف حدودها ولا يمكن توقّع نتائجها ولن نكون في منأى عن أثارها، الأمر الذي أصبحت معه وحدة الصف وتجاوز الخلافات ضرورة شرعية وثورية وأخلاقيّة وباتت أولوية قصوى.
وكلنا يعلم أن مدن وقرى محافظة تم تدميرها وتهجير أهلها، ونهب ممتلكاتهم، وقد بلغ عدد المهجّرين منها حوالي 700 ألف شخص واغلبهم من سكّان المخيمات يعانون ضيق ذات اليد وقلة الموارد والبطالة بينما يتنعّم شبيحة نظام أسد بأرزاقهم وممتلكاتهم.
وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية تداعي عدد من احرار محافظة حماه للاجتماع لمناقشة اثار التطبيع التركي مع نظام أسد على الثورة عموماً وعلى أبناء محافظة حماه خصوصاً وبيان موقفنا ودورنا في مواجهة هذه الاستحقاقات الخطيرة، ووقع الاختيار على أن يكون مجلس فرع نقابة المحامين الاحرار بحماه الراعي لإقامة ورشة عمل بهذا الخصوص باعتبارها الحامل القانوني الجامع للثورة في حماه وأحد الحوامل الحرّة والمستقلّة للثورة السوريّة.
وبتاريخ -27-07-2024 عّقدت ورشة العمل في مدينة عفرين بعنوان: يداً بيد نسقط الطغيان ونعيد بناء الانسان والعمران التي ناقشنا فيها التقارب التركي مع نظام اسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري الحرّ على المستويات العسكرية والقانونيّة والسياسية والشعبيّة وعلى اللاجئين، وقد شارك فيها اهل الاختصاص العسكري والقانوني والسياسي ممن حضر من أبناء المحافظة، كما شارك فيها عدد من الضيوف الاعزّاء من الاحرار.
واستعرض اهل الاختصاص من كل جانب مألات التطبيع واثاره فيما يخصّ جانبه كما أدلى الجميع بدلوه معبِّرا عن رأيه بكل مسؤوليّة وبمستوى عالٍ من فهم للأحداث وتحليلها تحليلا منطقيا كما تقدّم كل منهم بوجهة نظره مشفوعة بالتوصيات التي تغطّي كل الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة.
وقد اجمع الجميع على التوصيات التالية:
إنّ حق تقرير المصير، وحق اختيار شكل نظام الحكم، وحق تغيير الحاكم ومنها اسقاط نظام اسد بالقوة، والمشاركة السياسية حقوق اصيلة للشعب السوري غير قابلة للتصرف من قبل أيّ ٍكان باعتبارها من حقوق الانسان المتأصّلة فيه، وبالتالي ليس لأيّة جهة داخليّة أو خارجية التدخّل بها أو التنازل عنها أو التفريط أو الضغط على الشعب السوري للتنازل عنها أو سلبها منه تحت طائلة اعتبارها خيانة عظمى فيما أذا أتت من أيّة جهة داخليّة، وعملا من اعمال العدوان فيما إذا أتت من أي جهة خارجية.
وإنّ إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيّبين والمختفين قسريا وحماية حقوق اللاجئين وتقديم الدعم الإنساني للمهجّرين قسريّاً حقوقٌ واجبة الاحترام وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي احترامها وتمكين أصحابها من الوصول اليها واستمرار تدفقها.
إنّ الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة التراب والشعب السوري والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة ضد أي عدوان أو غزو أو أية مشاريع للتقسيم والانفصال من حق الشعب السوري باعتباره صاحب السيادة ومصدر السلطات بموجب الدساتير السورية المتعاقبة، وبموجب القانون الدولي وبناءًا عليه نوصي:
- على الفصائل الثورية توحيد صفوفها والقيام مجتمعة القيام بهذا الواجب، من خلال إعادة النظر بكل المسارات التي قد تُكرِّس الوضع القائم والعودة الى ثوابت الثورة ورصّ الصفوف والاستعداد للقيام بمعارك التحرير واسقاط النظام وطرد المحتلين والغزاة الذين استجلبهم من كل اصقاع الدنيا.
- توحيد الساحات الشعبية والثورية والسياسية والتحامها مع الفصائل الثورية واعلان التعبئة الثوريّة العامة.
- إنّ عدم إلزاميّة القرارات الدولية ذات الصلة وافتقارها الى أليات تطبيقها التي صدرت عن الأمم المتحدة ومجلس الامن تحت الفصل السادس من منطلق دور الرعاية الذي تضطلع به الأمم المتحدة في إدارة النزاعات من خلال المساعي الحميدة وتيسير المفاوضات، تدلّ على عدم رغبة وجديّة المجتمع الدولي في فرض حلّ سياسي يحقّق تطلعات الشعب السوري ويلزم نظام أسد بنقل السلطة الى هيئة حكم انتقالي. وجعل تنفيذ هذه القرارات رهن موافقة النظام ومثال ذلك القرار 2254/2015 الذي لم ولن يطبق رغم مرور تسع سنوات على صدوره لان ذلك مرهون بموافقة النظام مما يحتّم طرح حل بديل وهو العودة للعرف الثوري ونوصي:
- وقف كل اشكال التفاوض والعمل على تشكيل هيئة تأسيسية تقوم بإعداد اعلان دستوري ثم تشكيل حكومة واحدة مهمتها نزع شرعيّة نظام أسد فعلياً واسترداد الدولة السورية من براثنه والحلول محله في عضوية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليميّة وتقود معارك استرداد الدولة السورية منه.
- إعادة هيكلة المناطق المحررة من غربها الى شرقها تحت حكومة واحدة وجيش واحد ومرجعية سياسية واحدة.
وأنّه لا سلم أهلي في سورية ولا سلم ولا أمن دوليّين أو إقليميّين بوجود بشار أسد او بأيّة محاولات لإعادة انتاج نظامه الاستبدادي الطائفي المجرم، أو في ظل وجود المشاريع الانفصالية حيث ’’ لا سلم ولا سلام مع الأسد أو قسد‘‘.
وأنّ العلاقة مع تركيا هي خيار استراتيجي بحكم الامر الواقع الذي فرضته طبيعة الجغرافية والحدود المشتركة والطويلة ،وانتشار وتوزّع الشعب السوري بين الداخل التركي والمناطق المحررة التي فرضت معادلة الامن والمصير المشترك فأمن تركيا القومي من أمن السوريين الاحرار وأمنهم من أمن تركيا، فنحن قدر تركيا وهم قدرنا ولا مفرّ لنا ولا لهم من هذا القدر إلا بإزالة أسباب اللجوء و التهجير و القضاء على مصادر تهديد الأمن القومي التركي الذي يتجلّى ببقاء نظام أسد و حلفائه من المرتزقة الروس و الميليشيات الطائفية و الميليشيات الايرانيّة ، من خلال العمل على اسقاط النظام ، و انهاء مشروع قسد الانفصالي وتفكيكه و هو من حق الشعب السوري الذي لا يمكن المساومة عليه على حساب مناطقنا و مصيرنا.
و أن التعويل الحقيقي في الشراكة الاستراتيجية يكون على روابط الاخوة والشراكة التي نشأت وتمتّنت خلال السنين الماضية بين الشعبين على قاعدة أن أبناء هذا الشعب هم من سيحكمون سورية مستقبلا وليس نظام أسد المجرم أو فلوله من العصابات الطائفية وان مصلحتنا المشتركة تقوم على التعاون و التكامل إذ أنّ الشراكة الحقيقيّة لا يمكن أن تقوم على علاقة التابع والمتبوع بل على وحدة القرار و الهدف، مع التأكيد بأن هذا الشعب هو الحامل الحقيقي لإعادة بناء الإنسان وإعادة اعمار العمران و ليس أولئك الذين قاموا بتدميرهما وتفكيك بنية الدولة وتحويلها الى مجموعة من منظمات الجريمة المنظمة يحكمها مجموعة من المجرمين القتلة و اللصوص ، وعليه نطالب الدولة التركية بما يلي:
- إعادة تقييم تجربة الشراكة العسكرية والسياسية مع قوى الثورة والمعارضة، بما يكفل إعادة هيكلة المناطق المحررة وتوحيدها عسكريا وحكوميا وسياسيا.
- احترام حقوق الشعب السوري في تقرير مصيره وتجنّب ايّة محاولات المساومة عليها أو فرض أي حلول لا تتوافق مع إرادة هذا الشعب.
- تفعيل اليات مراقبة أداء العاملين في الملف السوري وخاصة في المناطق المحرّرة من الجانبين التركي والثوري وإعمال المحاسبة مكافحة الفساد من خلال تفعيل دور القضاء بشكل جدّي ومنحه الاستقلالية التامة، وتحجيم دور المنسقين واعادتهم الى حجمهم الطبيعي وإلزامهم بالقيام بمهامها اللوجستية فقط.
إعادة النظر باللجان المشتركة في الداخل التركي الخاصة بمتابعة شؤون اللاجئين في تركيا، والتشديد على احترام حقوق اللاجئين وفق المعاهدات والمواثيق الدولية.
توحيد كل أطياف ومرجعيات الثورة في محافظة حماة تحت مظلّة واحدة ورؤية واحدة وهدف واحد على قاعدة التشاركية والاختصاص والكفاءة والتكاملية. من خلال تشكيل لجنة متابعة منبثقة عن هذا الاجتماع مهمتها التواصل مع باقي الكيانات وأطياف الثورة لمناقشة هذه المخرجات وتلقي أي اقتراحات جديدة نضيف او تعدّل او تطوّر هذه المخرجات، والاعداد لاجتماع آخر موسّعاً بشكل أوسع من اجتماعنا هذا والذي نعتبره خطوة باتجاه الهدف الأسمى وهو توحيد الجهود ورص الصفوف في معركتنا المصيرية القادمة. على أمل أن تكون هذه الخطوة محفِّزة لباقي إخواننا في المحافظة و باقي المحافظات السوريّة للحذوِ حذونا في إعادة ترتيب بيتنا الثوري لأنه الطريق الأقصر و الأقل كلفة للوصول الى اهدافنا و تحقيقها والخلاص من نظام الإبادة و حلفائه وتطهير سورية من رجسهم.
واخيراً لا يسعنا إلّا نتقدّم باسم مجلس فرع نقابة المحامين الاحرار بحماه بجزيل الشكر لكل من ساهم أو حضر أو منعه عذرٌ عن حضور كان لحضوركم وتفاعلكم الرائع الأثر الطيب والذي تجلّت فيه روح المسؤوليّة واستشعار الخطر على الثورة والشعب تمسكنا جميعاً بثوابت الثورة واستعدادنا للتضحية في سبيل الدفاع عنها وعن شعبنا الحرّ العظيم وتحقيق تطلعاتهم بالحريّة والكرامة والخلاص من الطغيان والاستبداد.
آملين تكرار هذه اللقاءات وتوسيعها ولتكون برنامج عمل متكامل لإعادة ألق الثورة من خلال العمل بروح ثورة 2011 وأدوات الحاضر من خلال صنع وعي عام ثوري شعبي قادر على مواجهة التحديّات المستقبليّة ويكون درعاً للثورة والثوار ونضع أنفسنا في خدمة هذا الهدف الثوري النبيل.
مجلس فرع نقابة المحامين الاحرار بحماة