مدينة اريحا وأهميتها الإستراتيجية بالنسبة للثوار ولنظام الأسد
تقع مدينة أريحا في محافظة إدلب (شمال سوريا), عرفت بأهميتها منذ القدم, حيث يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام, وتعد من أجمل المدن السورية بطبيعتها الساحرة, فهي ملتقى الطرق بين اللاذقية وحلب, وتتمتع بمظاهر طبيعية خلابة كما تشتهر بالزراعة وخاصة الكرز والتين والزيتون, يبلغ عدد سكانها حوالي (75)ألف نسمة. وهي تتوسط ( جبل الاربعين ) الذي يقصده السياح من كافة البلدان .
تكمن أهمية مدينة أريحا كونها بوابة جبل الزاوية من الجهة الشمالية, ولموقع جبل الأربعين فيها الذي يشرف على مساحة واسعة من جبل الزاوية وريف إدلب الغربي, وأيضا تشرف على طريق اللاذقية - حلب, والذي يعتبر من أهم طرق الإمداد لمعسكرات النظام والعصب المغذي لتلك المعسكرات ولمدينة إدلب بالإضافة لقريتي كفريا والفوعة ، أكسبها موقعها الإستراتيجي أهمية عسكرية كبيرة منذ بداية الثورة ، لتتوجه أنظار النظام على تلك المدينة مع بداية الحراك الثوري ، فقامت قوات الأسد باقتحامها وبسطت سيطرتها عليها عام 2011 بعد مدينتي درعا وبانياس.
سَعت قوات الأسد إلى السيطرة على مدينة أريحا , وبسطت سيطرتها على المدينة و جبل الاربعين, وبهذه السيطرة تكون قد أمنت طريق الإمداد الذي يصل بين اللاذقية ومدينة إدلب مرورا بجسر الشغور ومعسكري القرميد والمسطومة .
يقول الناشط الميداني مازن كشتان مدير مكتب اريحا اليوم. أن سيطرة قوات النظام على المدينة ومحاولات الجيش الحر لتحريرها, انعكست بشكل كبير على سكان المدينة ,حيث نزح اغلب سكانها إلى المناطق المجاورة ومخيمات اللجوء وعمدت قوات الأسد لارتكاب 7 مجازر راح ضحيتها عشرات الشهداء, منها 3 مجازر خلال شهر رمضان, وذلك نتيجة استهداف التجمعات السكانية والأسواق الشعبية بالقصف المدفعي , ليبلغ عدد شهدائها حتى بداية 2015 حوالي 1300 شهيد. كما شهدت المدينة حركة نزوح كبيرة الى مناطق المجاورة و الى المخيمات التركية .
انعكست سيطرة قوات النظام على مدينة أريحا بشكل كبير على جهود القوى الثورية في تحريرها, حيث قسمت المنطقة المحررة لتفصل بين جبل الزاوية جنوباً وريف إدلب الغربي شمالاً.
استطاع الجيش الحر تحرير تلك المدينة من قوات النظام ثلاث مرات خلال عمر الثورة, كان أخرها صيف 2014,وذلك لمدة شهر فقط بسبب همجية قوات الأسد في استهداف المدنيين اثر خسارته لهذه المدينة, حيث استعان النظام بقوات النخبة المتواجدة في حلب وحماه, واستخدمت الطيران الحربي والمروحي لإمطار أريحا وريفها آنذاك بأكثر من 300 برميل متفجر, وأيضا غارات مكثفة من الطيران الحربي طوال فترة سيطرة الجيش الحر على المدينة, حيث خلف هذا القصف عشرات الشهداء, ونجحت قوات الأسد باستعادتها بعد أن حولت منازلها الى ركام.
ومع تحرير القوى الثورية لوادي الضيف أكبر معسكرات النظام في ريف إدلب الجنوبي بنهاية العام 2014 , توجهت أنظار الفصائل الثورية لتحرير هذه المدينة و السيطرة على جبل الاربعين, فتم فتح معركة للسيطرة عليها ببداية شباط2015, كانت بدايتها بتفجير نفق لأحدى حواجز جبل الأربعين وقتل العشرات من قوات الاسد في هذه المعركة فضلا عن إلحاق خسائر عسكرية تمثلت بتفجير ثلاث دبابات وعربات بالإضافة الى سيارات ذخيرة كانت في طريقها لتعزيز تلك الحواجز مصدرها معسكر المسطومة.
بالنهاية فشل الجيش الحر في السيطرة على جبل الاربعين بشكل كامل وتعتبر قمة جبل الأربعين حاليا بيد القوى الثورية, إما باقي جبل الأربعين فهو حاليا تحت سيطرة قوات الاسد.
وفسر لنا المقدم أسعد عجينة وهو قائد عسكري بالفرقة 101 مشاة, أن جميع المعارك التي تجري لتحرير مدينة أريحا باءت بالفشل لأنه يصعب السيطرة عليها إلا بضرب المعسكرات التي تؤازرها إثناء الهجوم وهذا الأمر يتطلب قوة عسكرية كبيرة ومشاركة من كافة الفصائل المتواجدة في المنطقة.
مدينة أريحا كما وصفها أحد المدنيين الذين استطاعوا الخروج منها بأنها عبارة عن السجن الكبير. فيها بعض المدنيين بالإضافة إلى اللجان الشعبية مع عائلاتهم ، فتسعى قوات النظام الى عدم خلوها من المدنيين ليشكلوا بهم دروع بشرية ولعدم استهداف مركز المدينة بالقصف من قبل الجيش الحر ،حيث عمدت قوات النظام الى إغلاق كافة المنافذ الى المدينة, إلا الطريق الواصل من محمبل والذي ينفذ إلى مدينة إدلب.
قوات النظام تعلم ان نهاية وجودها في مدينة أريحا هو بداية تحرير كافة محافظة إدلب من الوجود الأسدي, لأنه إذا ما استطاع الجيش الحر السيطرة عليها فانه يكون قد قطع الإمداد على أخر معسكرات النظام في كل من القرميد والمسطومة ومدينة إدلب وقريتي كفريا والفوعة والتي تاتي هذه الامدادات برا من مدينة اللاذقية ، وهذا ما تسعى وتعمل عليه فصائل الثوار في الفترة الأخيرة وضرب أهم نقطة في طريق الإمداد.