austin_tice
ذاكرة الجدران ... حكاية الغرافيتي "أبو مالك الشامي"
ذاكرة الجدران ... حكاية الغرافيتي "أبو مالك الشامي"
● أخبار سورية ٢٦ أبريل ٢٠٢٠

ذاكرة الجدران ... حكاية الغرافيتي "أبو مالك الشامي"

خط أطفال درعا بأناملهم الصغيرة على الجدران عبارات كانت الشرارة لإنطلاق أعظم ثورة ألهمت الجميع وغيرت معالم العالم، لم تكن حينها جدراناً مدمرة لكنها أصبحت مخيفةً لنظام قمعي كمم الأفواه وكسر أنامل الرسامين.

وفي دمشق نشأ وترعرع الشاب "أبو مالك الشامي" الذي يُعرّف عن نفسه قائلاً " أنا من مواليد عام ١٩٩٤م، بدأت الثورة وأنا في الصف الحادي عشر، كنت طالباً عادياً مهتم بالرسم واعطيه اهتمام أكثر من بقية المواد".

وأضاف الشامي " كان حلمي اطلع مهندس معماري لأنه بتدمج العلم والفن، ولما بدأت الثورة شاركت مثل الكل بالمظاهرات ونشاطات بخ عالجدران ومناشير وتكبير"

تطورت هواية أبو مالك مع تطور مراحل الثورة واتساع رقعة المظاهرات فوجد للكتابة والرسم على اللافتات ميزة وأهمية كبيرة خاصة بعد أن وضع لمساته الفنية عليها ، حيث أصبح يرسم رسومات بسيطة مع عبارات اللافتة لتثير انتباه العالم الذي كان يتابع أحداث الثورة.

وكغيره من الشباب في سوريا اضطر لترك دراسته بعد أن تم اعتقال معظم أخوته بفترات مختلفة، فلم يتوفر حينها الجو المناسب للدراسة، وفي نهاية عام ٢٠١٢م اضطر للخروج إلى داريا بعد أن كان معرضاً لخطر الاعتقال فالتحق بالجيش الحر حتى يكون مساهماً في مرحلة الثورة الجديدة.

وعاش أيام الحصار مع أهالي درايا، حينها بدأ بالرسم على جدران الغرف، رأى تلك الرسومات " مجد المعضماني" ناشط ومصور من مدينة داريا فأُعجب بها، وكان هو صاحب فكرة الرسم على الجدران في مدينة داريا.

ويضيف: "تذكرت فوراً جدران كفرنبل وبنش وسراقب، واخترنا الرسم على الجدران المدمرة لما تحمله من معاني كبيرة، كان ذلك في الشهر السابع عام ٢٠١٤م" بهذه الكلمات أخبرنا ابو مالك عن انطلاقته بالرسم على الجدران المدمرة.

يعرف رسم الغرافيتي بأنه الرسم على الجدران في الشوارع العامة وهو فن قديم ومنتشر في العالم ليعبر عن هموم وآمال الشعوب، إلا أنه في ظل نظام الأسد البعثي فقد ارتبطت الرسومات على الجدران بالترويج لأفكاره ولاحق كل من يكتب معبراً عن مطالبه، لدرجة أنهم قد يحاصروا مكاناً بأكمله ويحققوا مع الجميع لمعرفة الرسام أو البخاخ.

ومع انطلاقة الثورة تطور فن الغرافيتي في المناطق المحررة وتنوعت أدواته وأكمل أبو مالك مشروعه باختيار أفكار لوحات ذات طابع ثوري تعيد لمدينة العنب زيها الجميل الذي تغير بسبب القصف والدمار، إلا أنه وبعد مدة من الزمن استشهد الناشط مجد ليودع رفيقه أبو مالك الذي أنجز لغاية تاريخ تهجيره لإدلب ٣٠ جدارية مختلفة.

وكانت مرحلة التهجير القسري من أصعب المراحل إلا أنها كانت بداية أمل جديد رغم مرارته فأتم أبو مالك دراسته وحصل على الشهادة الثانوية وسجل في الهندسة المدنية لعدم توفر الكثير من التخصصات في الشمال السوري. وبعد التنسيق مع أحد اصدقائه في تركيا أنجز أول جدارية عن ذكرى الكيماوي داخل أحد بيوت إدلب لصعوبة انجازها خارجه.

ومن خلال انضمامه لحملة "عيش" تمكن من رسم العديد من اللوحات والجداريات، كما استطاع من خلالها التنقل بأريحية وتأمين أدوات العمل، ويرى أبو مالك أن فن الغرافيتي يلعب دوراً مهماً في إيصال معاني تعجز عنها اللغات وأنه حاول ايصال هموم الشعب والثورة لفئات معينة من العالم والذين لم تؤثر عليهم الآراء السياسية.

وبالرغم من أنه رسم الكثير من اللوحات والجداريات إلا أن لوحة "hope" في داريا تبقى المحببة لقلبه حيث أنها وصلت لجميع بلدان العالم وتركت طابعاً ايجابياً للعمل الثورة، بالإضافة للوحة "zafeer" في الشمال السوري كانت مميزة من الجانب التقني والعاطفي.

ولا يزال أبو مالك يعاني الكثير من القيود في الرسم بإدلب على عكس الحرية المطلقة في مدينة داريا، ويرى أن فن الغرافيتي ساهم بشكل كبير في نشر معاناة وأفكار الشعب السوري الثائر لكل العالم وأنه سيبقى خالداً للأجيال القادمة.

ليست حكاية الغرافيتي أبو مالك الشامي إلا واحدة من من حكايا الثورة والتي صاغت تفاصيلها مراحل الثورة وتطوراتها لتبقى رسوماته على الجدران المدمرة باعثةً للأمل وشاهدة على هموم شعب ناضل لأجل حريته ولا يزال..

تقرير: مهند محمد

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 
austin_tice

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ