من هندسة الخوف لإعادة التنظيم المدني .. فتح الطرقات وإزالة الحواجز الأمنية خطوة لإنهاء عصر الاستبداد
بدأت مجالس المحافظات في عدة مناطق سورية، بمشاريع عاجلة لإزالة الحواجز الأمنية وفتح الطرقات المغلقة وإزالة الرموز والشعارات المرتبطة بعهد النظام البائد، في خطوة لإزالة الصورة المتجسدة بالاستبداد والقمع، والتي عمل نظام الأسد على تعويمها في الشوارع والأزقة، وبنى لنفسه مقرات وثكنات عسكرية حصينة ممنوع الاقتراب منها، مقطعاً أوصال المناطق المأهولة بالسكان، كانت تلك المواقع مصدر رعب وقلق وخوف دائم للسوريين.
في الشمال، أعلن "مجلس مدينة حلب" وبإشراف إدارة الأمن العام، عن فتح الطرقات المحيطة بفرع أمن الدولة في حي المحافظة، بعد سنوات من الإغلاق في عهد النظام البائد، وذكر المجلس أن ذلك يأتي ضمن خطة لتحسين الواقع الخدمي وتسهيل حركة المرور، وشملت الخطوة أيضًا إعادة المنازل المحتجزة إلى أصحابها، في إجراء لاقى ترحيبًا شعبيًا.
واعتُبر الإجراء محطة مهمة في مسار استعادة الحقوق وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة، ونشرت معرفات رسمية لمحافظة حلب صورا تظهر قيام إدارة الأمن العام وعاملين في مجلس المدينة بالقيام بفتح الطرقات التي طالما أغلقها النظام لسنوات.
"الخوذ البيضاء" تُطلق مبادرة لإزالة التشويه البصري لرموز النظام البائد بحلب
سبق أن أعلنَ الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من خلال صفحته الخاصة في موقع فيسبوك، عن إطلاق مبادرة تهدف إلى إزالة الشعارات والرموز التي خلفها نظام الأسد البائد من على جدران المباني العامة ومرافق المدينة، وذلك خلال يوم الجمعة المصادف لـ 11 نيسان/ أبريل الجاري. وتندرج هذه الخطوة ضمن حملة "رجعنا يا حلب"، بحسب ما وردَ في المنشور.
تم التنسيق للمبادرة مع محافظة حلب
وذكرَ الدفاع المدني أن المبادرة تم إطلاقها بالتنسيق مع محافظة حلب، وتضمُّ أكثر من 100 متطوع ومتطوعة، وبمشاركة 30 آلية خدمية، ساهموا في هذه الخطوة، والتي تهدف إلى تجميل المشهد البصري للمدينة واستعادة ملامحها الحضارية.
لاقت هذه الخطوة ردود فعل إيجابية، ومن التعليقات الواردة: "من أهم الأعمال ع فكرة إزالة هيك شغلات مؤذية للبصر، رجاء نبتعد عن تقديس الأشخاص و التطبيل للأفراد، الانتماء للوطن فقط". وقال أحد المتابعين: "كان الله بعون الدفاع المدني شو بدو يصلح ليصلح ورا هالزمرة الفاسدة ومخلفاته"، وذكر آخر: "هيا الخطوة كتير حلوة مابدنا شي يذكرنا بزمان النظام البائد المجرم تسلم أيديكن ودمتم في حفظ الله".
ويذكر أن بعد سقوط الأسد، سارع الناس إلى إسقاط تماثيله في معظم المحافظات، تلك الأصنام التي حرص ما يسمى الرئيس السابق على تنصيبها في كل مكان من البلاد، نظراً لمرضهم النفسي بعشق الظهور والسلطة وتملك البلاد، والتي كان ينفق عليها أموالاً باهظة، في حين أن البلاد تعاني من مشاكل بوضع الخدمات والكهرباء والتدفئة والصرف الصحي وغيرها، ولم يكن يهتم لها على الإطلاق.

قرار رسمي لطمس رموز الأسد والعقاب لمن يخالف
وفي سياق متصل أصدرت محافظة حلب قراراً رسمياً ينصُّ على إزالة وطمس كافة الرموز والرايات والإشارات والصور والعبارات، وكل ما يمتْ بصلة للنظام السابق. وينطبق القرار أيضاً على واجهات المحلات التجارية، والجدران، والأبنية، وما شابه ذلك. وبالنسبة للتكاليف فإنها على نفقة أصحاب العقارات والجهات العامة.
وأكدت محافظة حلب من خلال القرار أن من سيخالفه سيتعرض للمساءلة القانونية، مشيرةً إلى أن تطبيقه دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثلاثاء الفائت المصادف لـ 8 نيسان/أبريل، ويستمر حتى 30 نيسان/ أبريل الجاري كحد أقصى.
ووفق مصادر رسمية، لم يعد هناك تهاون مع من يمجد نظام الأسد السابق، فأي كلمة أو تصرف صارت تعرض صاحبها للمسائلة من قبل القانون أو الشعب. وأي محاولة للإساءة لرموز الثورة أو علمها أو أي تفصيل يتعلق بها فإن الرد والعقاب سيتم القيام بهما بشكل فوري.
خطوات مماثلة في دمشق ومحافظات إخرى
وكانت بدأت الجهات المعنية بإزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام "فرع فلسطين" في دمشق وذلك في إطار الجهود المبذولة من الجهات الخدمية في المحافظة.
وذكرت أن عملية إزالة حواجز وأسلاك وضعها النظام البائد قرب "فرع فلسطين" بدمشق جاء لتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين لتخفيف حالة الاختناق المروري التي كانت تنتج عن مثل هذه الحواجز الإسمنتية.
ويُعرف "فرع فلسطين" الذي أنشئ في ستينات القرن الماضي، بأنه أحد أسوأ مراكز الاعتقال والتعذيب التابعة لنظام البعث المنهار في العاصمة دمشق، وبإضافة كلمة "فلسطين" إلى اسم مركز المخابرات العسكرية، أراد النظام المخلوع أن يحجب صورته الحقيقية بكلمة تستحضر "البراءة".
وتعرض المعتقلون في "فرع فلسطين" لأنواع مختلفة من التعذيب لفترة طويلة ولم يتمكنوا من الاتصال بأهاليهم، وأظهرت السجلات أن آلاف الأشخاص كانوا محتجزين في ظروف غير إنسانية في عشرات الزنازين، وهو ما يعكس وحشية نظام عائلة الأسد المنهار.
ووجدت زنازين وعنابر صغيرة يُحتجز فيها الأشخاص في الطوابق السفلية من المركز، ووصفت بـ "الكابوس" في كتابات السجناء على الجدران، وفق صور عرضتها مواقع إعلامية منها وكالة الأناضول.
وكانت شرعت محافظة دمشق في إزالة حواجز قوات النظام المخلوع من أحياء العاصمة بسبب عرقلتها لحركة السير، وذكرت المحافظة، عبر معرفاتها الرسمية، أن ورشات مديريات الصيانة وهندسة المرور والنقل تعمل على إزالة غرف الحواجز والكتل الإسمنتية، التي خلّفها النظام المخلوع، في منطقتي الفحامة وشارع خالد بن الوليد، نظراً لما تسببه من إعاقة لحركة السير.
كما أشارت إلى أن الورشات الخدمية تواصل إزالة الحواجز والكتل الإسمنتية المنتشرة على طرقات المتحلق الجنوبي قرب جامع الأكرم في المزة، وبرزة، وركن الدين، إلى جانب ترحيل الأتربة وأنقاض غرف الحواجز.
هذا وكانت أعلنت مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور أن السلطات الأمنية بدأت بتنفيذ خطة لإزالة الحواجز التي أنشأها النظام المخلوع خلال السنوات الماضية، وتعمل على فتح الطرقات المغلقة، لتسهيل تنقل المدنيين بين المناطق والأحياء السكنية بشكل آمن، وتخفيف الأعباء التي كانوا يواجهونها بسبب القيود السابقة.
ويذكر أن خلال الفترة الأخيرة، كثّفت الجهات الحكومية، بشقيها المدني والعسكري، عمليات إزالة الحواجز والكتل الإسمنتية التي وضعتها قوات النظام المخلوع في المدن والبلدات، لا سيما أن هذه الحواجز شكلت، خلال السنوات الماضية، مصدر قلق مستمر للمدنيين وتهديداً مباشراً لحياتهم.