austin_tice
"المهاجرون" ورقة استخدمها "الجولاني" لتمكين سلطته وانقلب عليهم تقرباً للغرب
"المهاجرون" ورقة استخدمها "الجولاني" لتمكين سلطته وانقلب عليهم تقرباً للغرب
● أخبار سورية ٢٢ أغسطس ٢٠٢٠

"المهاجرون" ورقة استخدمها "الجولاني" لتمكين سلطته وانقلب عليهم تقرباً للغرب

مسارعاً الزمن يمضي متزعم "هيئة تحرير الشام"، "أبو محمد الجولاني"، في سياسته المستحدثة التي تقضي بتعويم ذاته ومشروعه في العديد من الخطوات كان أخرها سياسة علنية تهدف إلى تخلصه من "المهاجرين" الذين روج لهم ولوجودهم طيلة السنوات الماضية، وذلك عقب استخدامهم في خدمة مشروعه المزعوم على حساب الثورة السوريّة، محاولاً إظهار نفسه بعباءة الاعتدال أمام المجتمع الدولي لا سيّما الدول الغربية، الأمر الذي تكرر في خطوات سابقة ضمن سلسلة التحولات التي طرأت على "الجولاني" وهيئته.

ومع بداية ظهورهم شارك "الجولاني" في الترويج العلني والصريح لما بات يعرف لاحقاً بـ "المهاجرين"، لا سيّما الأجانب منهم ممن لقوا ترحيباً كبيراً منه، كما كرر عبر معرفاته الرسمية روايات وقصص صعوبة وخطورة وصولهم إلى المنطقة المحررة ولزوم تقدير تضحياتهم في سبيل ذلك، ومع فشله في خلق حاضنة شعبية لهم، عين العديد منهم في مراكز قيادية تحكمت بمفاصل المنطقة بما يتماشى مع سياسات "هيئة تحرير الشام".

وتبنّى "الجولاني" رواية بأنّ المهاجرين قدموا إلى المنطقة للمشاركة في نصرة الشعب السوري وبلاد الشام رافعين شعارات دينية، وأشرف على تمكينهم بالعديد من المناطق، ليصار إلى استخدام قدراتهم القتالية والإعلامية وغيرها في الهيمنة على المحرر من قبل الهيئة منفردة بالقرار، ضاربة عرض الحائط بالرفض الشعبي، كما اتخذت من وجودهم ذرائع شتى لقتال الفصائل الثورية.

وتبعت مرحلة الترويج وتمكين "المهاجرين"، مرحلة جديدة لم تكن مفاجأة لمن يتابع التغيرات الكبيرة التي مرت بها "تحرير الشام"، تمثلت في إقصائهم والتخلص منهم، وكان الإجراء الأول في هذه المرحلة بعد أن أحكم الجولاني قبضته على العناصر من غير الجنسية السورية من خلال تخصيص أماكن محددة يتاح لهم التحرك فيها، لبدء عملية تصفيتهم بشكل ممنهج.

ويأتي ذلك في سياق الانقلابات المعلنة على سياسات "تحرير الشام"، برعاية مباشرة من متزعمها الذي كرر ظهوره بمختلف المناسبات ضمن أو ما يصفه ناشطون بموسم "تبديل الجلود"، كناية عن وصف الجولاني وخطره على المحرر بما يحمله المعنى المتضمن للعبارة.

وأضاف وجود "المهاجرين"، بمختلف الكوادر البشرية نقاط قوة كبيرة لصالح مشروع هيئة تحرير الشام القاضي بالتغلب والانفراد بالسلطة والمال وحكم المناطق المحررة من نظام الأسد، حيث استغل "الجولاني" توجهات عناصر تلك التنظيمات المؤدلجة في حربه الإقصائية ضدَّ فصائل الثورة السورية بالعديد من المناسبات.

وما يشير إلى استغلال "الجولاني" لحربه ضدَّ حلفاء الأمس بشكل دولي هو بيان صادر عن "تحرير الشام" قبل يومين وجهته إلى "اللجنة الدولية لحماية الصحفيين"، وعدد من الجهات الحقوقية الغربية، بعد توجيههم عدة انتقادات ومطالبتهم بالإفراج عن "بلال عبد الكريم"، وأبرز ما قالت فيه إنها "تتابع قضية بلال منذ أكثر من عام، عندما بدأ يدخل نفسه في أعمال أخرى بعيداً عن عمله في مجال الإعلام"، حسب وصفه.

وفيما يبدو أنه تكراراً لسيناريوهات مماثلة حدثت مع عدد من المحسوبين على الهيئة مثل إقصاء الشرعي السعودي "عبد الله المحيسني" و"أبو اليقظان المصري"، تبعها إبعاد "تحرير الشام"، كلاً من الإعلامي الأمريكي "بلال عبد الكريم"، والإغاثي الإنكليزي "توقير شريف"، المعروف باسم "أبو حسام البريطاني"، فضلاً مع تعاظم صراعها مع عدد من العسكريين المنشقين عنها بينهم قادة بارزين في الأوزبك والتركستان وغيرهم، ويذكر أن وصولهم إلى هذه المناصب جرى بإشراف مباشر من قيادة تحرير الشام، بوقت سابق.

وفي السياق أكدت مصادر مطلعة لـ "شام" عن وجود معتقلين من المهاجرين والمهاجرات بينهم أطفال في سجون "هيئة تحرير الشام"، ويأتي ذلك نتاجاً لممارسات الهيئة ضدهم، ليصار المهاجرين الذين تغنت بهم بالأمس بين مقتول وملاحق وسجين، الأمر الذي تكرره هيئة الجولاني في صراعاتها الداخلية التي جرت الشمال السوري، كان أخرها خلافاتها مع غرفة عمليات عسكرية قوامها من المنشقين عنها.

وما يجري تنفيذه خلال الفترة الحالية يعد تطبيقاً عملياً لما صرح به "الجولاني"، في الحوار الذي أجرته "مجموعة الأزمات الدولية" معه والذي استمر لمدة أربع ساعات في أواخر يناير/ كانون الثّاني، الفائت، متحدثاً عن "أيديولوجية تحرير الشام"، إذ أشار بوضوح إلى قدرته على التحكم بالقرار العسكري والهيمنة عليه في الشمال السوري.

وأبرز ما كشفه "الجولاني" حينها حديثه للمرة الأولى عن المهاجرين بهذه الصيغة بقوله: "إن "الحزب التركستاني الإسلامي" في سوريا منذ سبع سنوات ولم يشكلوا أي تهديد للعالم الخارجي، وإنهم ملتزمون فقط بالدفاع عن إدلب ضد عدوان النظام بوصفهم "اليوغور"، مبدياً تعاطفه معهم، وتابع: "كفاحهم في الصين ليس كفاحنا لذلك أخبرهم أنهم مرحب بهم هنا طالما أنهم يلتزمون بقواعدنا، وهو ما يفعلونه".

ولم يفوت الجولاني الفرصة في حديثه عبر المجموعة الدولية حيث أظهرت مجمل أجوبته بأنه أراد أن يوصل رسالة بأنه المخلص الوحيد من هذه التشكيلات إذ كرر حديثه بوجودهم تحت عباءته وسيطرته الكاملة عليهم، وأشار إلى ذلك بأنه هنالك متغيرات طرأت على سياسة الهيئة في التعامل مع الخصوم.

يشار إلى أنّ مرحلة إقصاء "المهاجرين" في مناطق شمال غرب سوريا، لا تزال حيز التنفيذ مع زيادة الشخصيات المستهدفة ويسعى "الجولاني" في نهاية المطاف بأنّ يظهر نفسه بمظهر المعتدل في قتاله لتلك التنظيمات التي كان الراعي الرسمي لها، وبذلك يروج لذته هذه المرة أمام الدول الغربية التي بات يخطب ودها برسائل مضمنة، فيما تظهر الخطوات الممنهجة بأنها رامية إلى التفرد بالسلطة وإدارة الشمال السوري، على حساب شركاء بغييه وقتاله للثوار ضمن عشرات الفصائل التي عمل على إنهائها وتجهيز عناصرها بحجج وذرائع واهية، أفضت إلى تسليم مناطق واسعة لنظام الأسد.

المصدر: شبكة شام الكاتب: براء محمد
مشاركة: 
austin_tice

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ