
الأمم المتحدة: إزالة الألغام في سوريا تساهم في استعادة الحياة الطبيعية
أكد رئيس برنامج دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (أونماس) في سوريا، جوزيف مكارتان، أن سوريا لا تزال تعاني من إرث مدمر من الألغام والذخائر غير المنفجرة، والتي تهدد حياة الملايين من سكانها، خاصة في المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة خلال السنوات الماضية.
وقال مكارتان في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة إن سوريا كانت الدولة الأكثر تضررًا من حيث ضحايا الذخائر غير المنفجرة خلال ثلاث من السنوات الأربع الماضية، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت منذ كانون الأول/ديسمبر 2024 ارتفاعًا هائلًا في عدد الضحايا، حيث قتل أو جرح نحو 500 شخص في 250 حادثة، معظمها وقعت في الشمال الغربي والجنوب السوري.
وأوضح أن درعا والسويداء ووادي نهر الفرات من بين المناطق الأكثر تلوثًا بالذخائر غير المنفجرة، إلى جانب المراكز الحضرية والبنية التحتية الحيوية، مثل قنوات المياه والأراضي الزراعية، مما يهدد الأمن الغذائي للسكان.
توسع عمليات مكافحة الألغام بفضل التغيير السياسي
أشار مكارتان إلى أن التغيرات السياسية الأخيرة في سوريا فتحت المجال أمام توسيع قطاع مكافحة الألغام، حيث أبدت العديد من المنظمات الإنسانية المختصة اهتمامًا بالقدوم إلى سوريا أو توسيع عملياتها هناك.
وأضاف أن أونماس تمكنت من تأمين تمويل من الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ، والذي سيتم استخدامه لإجراء مسح أساسي للتلوث بالألغام في جميع أنحاء سوريا، بهدف تحديد المناطق الأكثر خطورة، ووضع خطط لإزالتها وتوعية السكان بمخاطرها.
دور التوعية في الحد من الإصابات
أكد المسؤول الأممي أن إحدى الأولويات الرئيسية لـ أونماس هي توعية السكان بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الضحايا هم مزارعون أو أطفال يبحثون عن الخردة المعدنية، مما يعرضهم لخطر انفجار الألغام.
وأشار إلى أن فرق التوعية بالمخاطر، التي تضم أكثر من 160 منظمة غير حكومية محلية ودولية، تعمل على زيارة المدارس، ومخيمات النازحين، والمراكز المجتمعية لتثقيف المدنيين حول كيفية تجنب المناطق الخطرة.
كما كشف أن أونماس أطلقت برنامجًا جديدًا بتمويل من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يهدف إلى دمج الناجين من حوادث الذخائر المتفجرة في فرق التوعية، بحيث يقومون بتدريب الآخرين على تجنب المخاطر، مما يعزز مصداقية رسائل التوعية.
خطط مستقبلية لمواجهة التحديات
أكد مكارتان أن إزالة الألغام تعتبر خطوة أساسية في جهود إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي في سوريا، مشيرًا إلى أن ذلك يسهم في إعادة استخدام الأراضي الزراعية، وتأمين عودة آمنة للنازحين، وتسهيل عمليات إعادة بناء البنية التحتية.
كما دعا إلى مزيد من التمويل الدولي لتعزيز عمليات إزالة الألغام، مشيرًا إلى أن 14 عامًا من الصراع جعلت الكثير من الدول غير مبالية بحجم المعاناة الإنسانية في سوريا.
وشدد على أن إزالة الألغام ستبقى أولوية طويلة الأمد، حيث سيظل خطر الذخائر غير المنفجرة قائماً لسنوات عديدة قادمة، مما يتطلب بناء قدرات وطنية مستدامة لمواصلة جهود إزالة الألغام.
وتعتبر إزالة الألغام من أهم التحديات التي تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الصراع، حيث تؤثر على أمن السكان واستقرارهم الاقتصادي. وبفضل الدعم الدولي والتغييرات السياسية الأخيرة، أصبح بالإمكان توسيع عمليات مكافحة الألغام، مما يعطي الأمل للسوريين في استعادة حياتهم الطبيعية والمساهمة في إعادة بناء بلدهم بأمان.