
"الأطراف الكردية" ترفض الإعلان الدستوري وتعتبره مخالفاً لطموحاتها
ماإن أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية، عن توقيع الرئيس "أحمد الشرع"، يوم الخميس 13 آذار، على الإعلان الدستوري الجديد، الذي أكدت لجنة صياغة الإعلان أنه يستمد مشروعيته من الرغبة في بناء سوريا الجديدة، حتى خرجت المكونات والأقطاب السياسية الكردية في بيانات منفصلة تعلن فيها رفض الإعلان الدستوري، الذي وجدته إقصائياً ولا يلبي طموحاتها.
جبهة كوردستان سوريا
واعتبرت جبهة كوردستان سوريا، في بيان اليوم الجمعة، أن الإعلان الدستوري الصادر في دمشق لا يحمل أي بوادر حقيقية لإرساء دولة ديمقراطية لا مركزية، بل يعيد إنتاج النهج المركزي الإقصائي الذي كان سببًا رئيسيًا في أزمات سوريا المتواصلة، وفق تعبيرها
وأفادت الجبهة، بأن "الإعلان الدستوري الصادر في دمشق لا يحمل أي بوادر حقيقية لإرساء دولة ديمقراطية لامركزية"، مؤكدة أنه "يعيد إنتاج النهج المركزي الإقصائي الذي كان سببًا رئيسيًا في أزمات سوريا المتواصلة".
وأضاف البيان أن "الإعلان الدستوري، ورغم محاولته إظهار مبدأ المواطنة، إلا أنه يكرّس في جوهره التمييز الممنهج من خلال الإصرار على الطابع العربي للدولة السورية، متجاهلًا التعدد القومي والديني، مما يعني استمرار سياسة إنكار حقوق الكورد والمكونات الأخرى".
وتابع البيان أن "الإعلان الدستوري يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة تجعله مركز الثقل السياسي المطلق، وهو ما يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والفصل الحقيقي بين السلطات. إضافة إلى ذلك، فإن حصر رئاسة الدولة بديانة محددة يشكل انتهاكًا صارخًا لمبدأ المواطنة، ويكرّس الإقصاء والتمييز ضد غير المسلمين".
وأشار البيان إلى أن "الإعلان لم يتطرق بأي شكل إلى حماية الحقوق القومية للكورد والمكونات الأخرى، مما يعكس استمرار نهج التهميش، حيث لا يعترف بالحقوق الثقافية واللغوية لهذه المكونات. كما أنه لم ينص بشكل صريح على المساواة التامة بين الجنسين في الحقوق والواجبات".
ودعا البيان القوى الديمقراطية في البلاد إلى اتخاذ موقف جريء بما يعكس الصورة الحقيقية لسوريا، كما دعا "قوات سوريا الديمقراطية" إلى إعلان موقفها بخصوص الإعلان الدستوري، خصوصًا أنها عقدت اتفاقًا قبل أيام مع رئيس الإدارة الجديدة في دمشق، متسائلًا: "هل ستلتزم بذلك الاتفاق بعد هذا الإعلان؟".
ورأى البيان أن "أي عملية دستورية لا تأخذ بعين الاعتبار التعدد القومي والديني في البلاد، ولا تؤسس لنظام سياسي ديمقراطي لامركزي، ستكون مجرد إعادة إنتاج نظام مركزي استبدادي".
وأكد البيان أن "سوريا الجديدة لا يمكن أن تُبنى على الإقصاء والاستبداد، بل على أساس عقد اجتماعي يضمن حقوق جميع مكوناتها، ويعكس تطلعاتهم في الحرية والعدالة والمشاركة الحقيقية في تقرير مصيرهم".
المجلس الوطني الكردي
من جهته، أعلن المجلس الوطني الكردي رفضه القاطع للإعلان الدستوري المؤقت لسوريا، معتبرًا أنه كتُب بعقلية تروج لـ "أمة واحدة ودين واحد"، مما يتجاهل حقوق المكونات القومية والدينية في البلاد.
وفي مقابلة مع قناة "رووداو"، قال شلال كدو، رئيس حزب الوسط الكردي السوري وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي: "الدستور المؤقت لسوريا لم يكن مفاجئًا، لكن الشعب السوري كان يأمل بدستور أفضل. المكونات السورية اليوم غير راضية عن هذا الدستور المؤقت".
وأضاف كدو أن "الدستور المؤقت كُتب ليعبر عن أمة واحدة في سوريا، وإذا طرح للاستفتاء، فلن يصوت الشعب السوري لصالحه"، مشيرًا إلى أن "هذا الدستور المؤقت لن يُعرض للاستفتاء وسيظل ساري المفعول لمدة خمس سنوات، وبالتالي يجب اتخاذ بعض الإجراءات لإصلاحه بما يضمن حقوق جميع القوميات والمكونات في البلاد، لأن خمس سنوات ليست مدة قصيرة لإدارة بلد".
وتابع كدو قائلاً: "دستور سوريا لعام 1920 كان أفضل من هذا الدستور المؤقت". وأشار إلى أن اللغة العربية "فُرضت في هذا الدستور على جميع لغات القوميات الأخرى في سوريا، ولا سيما القومية الكردية، كما فُرض الدين الإسلامي على جميع الديانات الأخرى. وبناءً على ذلك، بات المسيحيون مواطنين من الدرجة الثانية في البلاد".
وحذر كدو من أن هذا "الأمر خطوة خطيرة في بلد متعدد القوميات والمكونات"، معربًا عن اعتقاده بأن سوريا "لا يمكن أن تدار بهذا الدستور المؤقت، وستبرز العديد من المشاكل بسببه"، وقال "نحتاج إلى دستور يعكس التعددية القومية والدينية في سوريا ويضمن المساواة الكاملة لجميع مكونات الشعب السوري".
"مجلس سوريا الديمقراطية"
وسبق ان أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، في بيان له، رفضه التام للإعلان الدستوري المقدم من الحكومة المؤقتة، معتبراً أن ما أُطلق عليه "مؤتمر الحوار الوطني" لم يكن نزيهًا في تمثيل المكونات الاجتماعية أو الكيانات السياسية، وأضاف المجلس أن أي نتائج مبنية على هذا المؤتمر ستظل قاصرة عن معالجة القضايا الوطنية.
واعتبر المجلس أن مسودة الإعلان الدستوري "تُعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة"، مشيرًا إلى أنها تكرّس الحكم المركزي، وتعطي السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، بينما تُقيد العمل السياسي وتجمّد تشكيل الأحزاب، وقال إن هذه المسودة تعطل مسار التحول الديمقراطي، وتغفل آليات واضحة للعدالة الانتقالية، مما يزيد الأزمة الوطنية تعقيدًا.
كما رفض المجلس بشدة أي محاولة لإعادة إنتاج الديكتاتورية تحت غطاء "المرحلة الانتقالية"، وأكد أن أي إعلان دستوري يجب أن يكون نتيجة توافق وطني حقيقي، وليس مشروعًا مفروضًا من طرف واحد. ودعا إلى إعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطة بشكل عادل، وضمان حرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لامركزي ديمقراطي، مع وضع آليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية.
الإدارة الذاتية"
انتقدت "الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا"، في بيان لها، "الإعلان الدستوري" الذي وقع عليه الرئيس السوري أحمد الشرع، معتبرة أن الإعلان "يتنافى مع التنوع الوطني السوري" ويضم بنودًا تشبه تلك المتبعة في عهد حزب البعث.
واعتبرت "الإدارة الذاتية" أن الإعلان، الذي صدر بعد عدة أشهر من سقوط النظام البعثي، يفتقر إلى التجديد ويعكس ممارسات قديمة كانت سببًا في الثورة الشعبية التي أطاحت بذلك النظام. ووصفت الإدارة الإعلان بـ "التقليدي" و"المتكرر".
ولفتت إلى أنه لا يعكس التنوع الحقيقي في المجتمع السوري، حيث لم يتضمن أي إشارات إلى "بصمة وروح أبناء سوريا من مختلف المكونات" مثل الأكراد، والعرب، والسريان الآشوريين وغيرهم من المكونات الوطنية.
وأكدت الإدارة أن سوريا في الوقت الراهن بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية تضمن الشراكة بين جميع أبنائها، وتحقيق مستقبل ديمقراطي يضمن المشاركة الفعالة لجميع مكونات الشعب السوري. وقال البيان: "إن هذا الإعلان يفتقر إلى مقاييس التنوع الوطني السوري، ويعبر عن عقلية فردية تذكرنا بالحالة السابقة التي انتفض الشعب ضدها".
وأضاف البيان أن هذا الإعلان لا يمثل تطلعات الشعب السوري ولا يعبر عن هويته الأصيلة، واصفًا إياه بأنه "إطار شكلي" يعيق التقدم نحو الديمقراطية الحقيقية. وأوضح أن الدستور الحقيقي يجب أن يكون موضع توافق بين جميع مكونات سوريا لضمان مستقبله الديمقراطي، بعيدًا عن الأيديولوجيات الضيقة التي قد تعيد الوضع إلى نقطة الصفر وتعيد إحياء الجروح التي لم تلتئم بعد.
الرئيس "الشرع" يوقع الإعلان الدستوري ويؤكد بداية مرحلة جديدة لسوريا
وكان وقع رئيس الجمهورية "أحمد الشرع"، يوم الخميس 13 آذار، على الإعلان الدستوري الجديد، الذي أكدت لجنة صياغة الإعلان أنه يستمد مشروعيته من الرغبة في بناء سوريا الجديدة، وقال الشرع بعد تسلمه مسودة الإعلان: "نأمل أن يكون هذا فاتحة خير للشعب السوري على طريق البناء والتطور، ونتمنى أن يكون هذا تاريخ جديد لسوريا، نستبدل به الجهل بالعلم والعذاب بالرحمة".
مقدمة الإعلان الدستوري
يؤكد الإعلان الدستوري أن سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول 2024 كان تتويجًا لنضال الشعب السوري المستمر منذ أكثر من أربعة عشر عامًا. ويشير إلى مسؤولية القوى الوطنية في ترسيخ أسس العدالة، وضمان عدم تكرار مآسي الماضي، ووضع إطار قانوني جديد يحقق أهداف الثورة السورية. كما يستند الإعلان إلى وثائق سابقة، منها دستور عام 1950 وبيان انتصار الثورة السورية الصادر في 29 كانون الأول 2024.
الباب الأول: الأحكام العامة
ينص الإعلان الدستوري على أن سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، لا يجوز التخلي عن أي جزء من أراضيها، وتلتزم بوحدتها وسلامة أراضيها. كما يؤكد على مبدأ الفصل بين السلطات، وضمان الحرية والكرامة لجميع المواطنين.
ويشير إلى أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام، وأن الفقه الإسلامي سيكون المصدر الرئيسي للتشريع، مع كفالة حرية الاعتقاد وحماية الشعائر الدينية. وتُحفظ الأحوال الشخصية للطوائف الدينية وفقًا للقانون.
اللغة الرسمية للدولة هي العربية، وعاصمتها دمشق، والعلم الجديد يتكون من ثلاثة ألوان (الأخضر، الأبيض، والأسود) تتوسطه ثلاث نجمات حمراء، كما يؤكد الإعلان على رفض دعوات التقسيم والاستقواء بالخارج، وحماية التنوع الثقافي، ومكافحة الفساد، مع الالتزام بإعادة الإعمار وتسهيل العودة الطوعية للاجئين، ومكافحة التطرف العنيف.
الجيش السوري يُعرَّف كمؤسسة وطنية محترفة، مهمتها حماية البلاد، ويحظر تشكيل أي جماعات مسلحة خارج نطاق الدولة. كما ينص الإعلان على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز المنافسة الحرة، وتشجيع الاستثمار، وحماية حقوق الملكية العامة والخاصة.
الباب الثاني: الحقوق والحريات
يؤكد الإعلان الدستوري على حماية حقوق الإنسان، وضمان الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في المعاهدات الدولية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، وحرية التنقل، وحماية الحياة الخاصة، والمساواة بين المواطنين دون تمييز.
حرية تكوين الأحزاب والجمعيات مكفولة، والعمل حقٌ للمواطنين مع ضمان تكافؤ الفرص. كما يحمي الإعلان حقوق المرأة، ويصون الأسرة، ويضمن حماية الأطفال من الاستغلال وسوء المعاملة، كما ينص على عدم جواز التعذيب أو الاختفاء القسري، وضمان المحاكمات العادلة، وحماية كرامة الإنسان.
الباب الثالث: نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية
السلطة التشريعية
يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية خلال المرحلة الانتقالية، حيث يتم اختيار أعضائه من خلال هيئات فرعية منتخبة، مع تعيين رئيس الجمهورية لثلث الأعضاء لضمان تمثيل عادل. يتمتع المجلس بصلاحيات اقتراح القوانين وإقرارها، المصادقة على المعاهدات، وإقرار الموازنة العامة، والإشراف على السلطة التنفيذية.
السلطة التنفيذية
رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والمسؤول عن إدارة شؤون البلاد. يتمتع بصلاحية تعيين الوزراء، وإصدار القوانين بعد موافقة مجلس الشعب، والتوقيع على المعاهدات، وتعيين الدبلوماسيين، كما يحق له إعلان حالة الطوارئ بموافقة مجلس الأمن القومي، شريطة ألا تتجاوز ثلاثة أشهر إلا بموافقة مجلس الشعب.
السلطة القضائية
يضمن الإعلان استقلال القضاء، ويحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية، ويقر مبدأ ازدواجية القضاء بين القضاء العادي والإداري. كما تُستحدث محكمة دستورية عليا من سبعة أعضاء يعيّنهم رئيس الجمهورية، وتُعنى بالفصل في النزاعات الدستورية.
الباب الرابع: العدالة الانتقالية
يتضمن الإعلان عدة إجراءات لتحقيق العدالة الانتقالية، من بينها:
1. إلغاء القوانين الاستثنائية التي استخدمها نظام الأسد للقمع.
2. إلغاء الأحكام الصادرة عن محكمة الإرهاب.
3. إلغاء الإجراءات الأمنية التي أثّرت على الوثائق المدنية والعقارية.
4. إنشاء هيئة خاصة لتحقيق العدالة الانتقالية والمساءلة عن الجرائم التي ارتكبها النظام السابق.
5. تجريم تمجيد نظام الأسد أو إنكار جرائمه.
الأحكام الختامية
يحدد الإعلان فترة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، على أن يتم خلالها إعداد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية وفقًا له. كما ينص على استمرار العمل بالقوانين النافذة حتى تعديلها أو إلغائها، على أن ينشر الإعلان الدستوري في الجريدة الرسمية ويبدأ العمل به فورًا.
ويُعد الإعلان الدستوري بمثابة خارطة طريق لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، ويعكس توافقًا وطنيًا حول مبادئ الحكم، وضمان الحقوق والحريات، وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة وسيادة القانون.
مضمون اتفاق "الشرع ومظلوم عبدي" لدمج "قسد" في مؤسسات الدولة
وكان وقع كلا من رئيس الجمهورية "أحمد الشرع" وقائد قوات سوريا الديمقراطية "مظلوم عبدي"، اتفاقاً في 10 آذار 2025، يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
أكد الاتفاق على حق جميع المواطنين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، دون النظر إلى خلفياتهم الدينية أو العرقية، وشدد على أن اللجان التنفيذية المعنية ستعمل على تطبيق بنود الاتفاق، مع تحديد نهاية العام الحالي كأجل أقصى لتنفيذ هذه البنود بشكل كامل.
وأقر الاتفاق بأن المجتمع الكردي هو جزء أصيل من الدولة السورية، وأكدت الدولة السورية على ضمان حقوقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، في خطوة تهدف إلى إنهاء العمليات العسكرية وإرساء السلام.
كذلك تضمن الاتفاق على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية، المطارات، وحقول النفط والغاز، وتم التأكيد على ضرورة ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم مع تأمين حمايتهم من الدولة السورية.
وشكل الإعلان عن توقيع الاتفاق بين رئيس الجمهورية "أحمد الشرع" وقائد قوات سوريا الديمقراطية "مظلوم عبدي" في دمشق، يقضي بإنهاء ملف معقد في شمال شرقي سوريا عقب سقوط نظام الأسد، ليتم دمج "قسد" المدعومة من التحالف الدولي ضمن مؤسسات الدولية، حالة ارتياح وابتهاج شعبية في عموم المحافظات السورية، علاوة عن ترحيب دولي رسمي بهذه الخطوة، التي تعتبرة بداية إنهاء التفكك والالتفات لبناء الدولة.