مُعذباً مُهجراً لا يملك شيء… عارضاً كليته للبيع لإنقاذ عيني طفله في إدلب (حالة إنسانية)
مُعذباً مُهجراً لا يملك شيء… عارضاً كليته للبيع لإنقاذ عيني طفله في إدلب (حالة إنسانية)
● أخبار سورية ٢٩ سبتمبر ٢٠١٨

مُعذباً مُهجراً لا يملك شيء… عارضاً كليته للبيع لإنقاذ عيني طفله في إدلب (حالة إنسانية)

تتعدد القصص والمآسي وتخفي الأبواب ورائها قصصاً وعبرات لاتفارق قلوب من أصابه كرب وامتحان، إلا أن طول المعاناة يدفع الإنسان للتضحية بأغلى مايملك لإنقاذ فلذة كبد يتقطع قلبه يوماً بعد يوم على حاله وهو يراه يكبر أمام عينيه غير كل الأطفال لعجز أو إصابة أو مرض.

ندخل منزل "أنس الدرويش" المهجر من مدينة تدمر والمقيم في مدينة إدلب بعد رحلة عذاب مريرة استمرت لسنوات، يروي لنا قصة معاناته وما أوصله الحال لأن يقرر بيع كليته لإنقاذ عيون فلذة كبده، بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهه ليعيد لطفله البصر الذي فقده قبل أن يكبر.

جل مايتمناه والد الطفل "محمود" أن يبصر ولده النور، وأن يعيش كغيره من الأطفال، يلعب معهم ويتابع دراسته التي يحبها دون أي عائق، هذا ماقاله "أبو محمود" بعد أن رسمت مأساته على وجهه تعابير المعاناة و الألم التي يعيشها و هو يرى ابنه أمام عينيه يفقد بصره دون أن يستطيع إنقاذه.

وضع أبو محمود ورقة السجائر بين اصبعيه و فرش فوقها كمشة من كيس الدخان و قضم حوافها بعد لفها، وبعد أن أخذ أول سحبة منها تنهد قليلا ثم قال: "قبل خمس سنوات من اليوم بدأت المأساة عندما كان في منزله بمدينة تدمر شرقي حمص حيث كان يعيش مع أهله في بيتهم المتواضع ليصحو ذات صباح على و إذ بتنظيم الدولة يسيطر على المدينة التي تغيرت ملامحها وبدت شاحبة سوداء".

بقي الوضع لعدة أشهر - يتابع أبو محمود حديثه - لكن الحياة لم تعد ممكنة بعد أن بدأت الطائرات الروسية قصفاً مركزاً على المدينة لم يفرق بين مدني أو غيره الأمر الذي أجبره مع باقي سكان المدينة على النزوح هرباً من هذه الطائرات، ويضيف: " في تلك الآونة كان ابنه محمود ذو الأحد عشر ربيعاً يستطيع أن يتدبر أموره لأنه كان مصابا منذ الولادة بضمور في أعصاب العينين".

كان علاجه مقتصراً على النظارات حيث راجعت عدة أطباء والعلاج واحد،كان وضعه جيداً رغم الاضطراب في حركة عيونه إلا أنه كان يستطيع تدبر أموره دون أي مساعدة من أحد وفق كلام أبو محمود، إلا أنه مع اشتداد القصف والغارات على مدينة تدمر أصبح محمود في حالة خوف مستمر الأمر الذي أثر بشكل سلبي على بصره وبدأت حالته تسوء يوما بعد يوم.

أغلقت جميع الأبواب في وجه أبو محمود وهو يرقب ولده يكبر ويكبر معه الألم والوجع لحاله التي وصل إليها، بعد أن وصولوا إلى محافظة الرقة بعد رحلة شاقة ومعاناة مريرة، إلا أن الحال لم يكن بأفضل، حيث استمر القصف والقتل وعندها قرر الخروج |إلى إدلب التي وصل إليها منذ ثلاث سنوات.

توقف "أبو محمود" عن الكلام للحظات ثم مسح دموعه وأكمل "أصعب ما أعيشه هو عجزي من مساعدة طفلي وهو يفقد بصره شيئاً فشيئاً وأمام عيني، لم يكن الحال في إدلب بأفضل فمع وصولنا قبل ثلاث سنوات تركت والدته المنزل متنصلة من المسؤولية حيث عادت الى دمشق
الأمر الذي زاد وضعه سوءاً".

وختم الحديث "منذ ذلك الحين وأنا اراجع المراكز الطبية دون كلل أو ملل أبحث عن بصيص أمل دون جدوى حتى فقد محمود البصر في عينه اليسرى بشكل كامل فيما لايزال يرى بعينه اليمنى بنسبة لا تزيد عن ١٠ % .. وقفت طويلا على أبواب الجمعيات و انتظرت وعودا دون جدوى من كثير من المنظمات ذلك ما أرغمني البحث عن البديل و لم أجد بدا من عرض كليتي للبيع علني أعيد الأمل لابني ......."

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ