"خفض التصعيد" في درعا ... خروقات بالجملة واتفاق دولي لسيطرة الأسد عليها
"خفض التصعيد" في درعا ... خروقات بالجملة واتفاق دولي لسيطرة الأسد عليها
● أخبار سورية ٢٩ نوفمبر ٢٠١٨

"خفض التصعيد" في درعا ... خروقات بالجملة واتفاق دولي لسيطرة الأسد عليها

أصدر مكتب توثيق الشهداء في درعا تقريرا تحت اسم "ما قبل الكارثة" بيّن من خلاله الخروقات التي ارتكبها نظام الأسد وحليفه الروسي والميليشيات الشيعية وفصائل المعارضة خلال فترة خفض التصعيد في الجنوب السوري.

واعتبر المكتب عبر تقريره أن اتفاقية خفض التصعيد كانت عبارة عن مرحلة تم الاتفاق عليها للتمهيد لسيطرة قوات النظام على الجنوب السوري، وإن الأهداف التي تم إعلانها لم يتم الالتزام بها وكانت في مجملها إجراءات شكلية غير حقيقية.

ويعتقد المكتب أن صمت الدول الراعية والضامنة لهذه الاتفاقية على الخروقات التي تعرضت لها والتي انتهت أخيرًا بإنهاء الاتفاقية بشكل كامل من خلال حملة عسكرية واسعة لنظام الأسد، هو أمر لا يمكن تفسيره إلا باعتباره جزء من الاتفاق الذي بدأ بإقرار اتفاقية خفض التصعيد في المنطقة وانتهى بسيطرة قوات الأسد عليها.

ولفت المكتب إلى أن النصف الثاني من عام 2017 شهد فرض اتفاقية لخفض التصعيد والتهدئة في جنوب غرب سوريا وتشمل محافظة درعا، وذلك بعد عدة أشهر من أكبر وأعنف المواجهات العسكرية في المحافظة منذ انطلاق الثورة السورية، ورغم التراجع الملحوظ في توثيق الشهداء خلال هذه الفترة، إلا أنها شهدت مجموعة من الخروقات المتبادلة بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إلى أن انهارت الاتفاقية بشكل كامل قبل إكمالها عامها الأول، بعد حملة عسكرية بدأتها قوات الأسد على كامل جنوب سوريا وانتهت بالسيطرة عليه، فاختار المكتب “مَا قَبْلَ الكَارِثَةِ” كعنوان لتقرير احصائي وتوثيقي لشهداء محافظة درعا خلال فترة خفض التصعيد، لما له من إشارة لتلك المرحلة وما تلاها.

وشدد المكتب على أن فترة خفض التصعيد شهدت العديد من الخروقات من قوات الأسد وفصائل المعارضة، إلا أنه بالإمكان اعتبار أن مستوى العنف قد انخفض بشكل واضح بالمقارنة مع الفترة التي سبقت إقرار هذا الاتفاق، وبشكل خاص مع غياب الطيران الحربي والمروحي بشكل كامل، باستثناء خرق واحد في الأسابيع الأخيرة من الاتفاق.

ووثق مكتب توثيق الشهداء في درعا 98 خرقاً نفذتها قوات النظام وفصائل المعارضة خلال فترة خفض التصعيد، وأدت هذه الخروقات لسقوط شهداء وجرحى من المدنيين، علمًا أن المزيد من الخروقات وقعت خلال هذه الفترة لكنها لم تؤدي لسقوط ضحايا.

ومن إجمالي الـ 98 خرقاً التي وثقها مكتب توثيق الشهداء في درعا، ارتكبت فصائل المعارضة 10 خروقات جميعها بحوادث قصف مدفعي عشوائي، بينما ارتكبت قوات النظام 71 خرقًا، بينما وقع 17 خرقًا ناتجًا عن حوادث اشتباك مباشر لم يتم تحديد الطرف الذي تسبب في وقوعها.

وتوزعت الخروقات على 25 نقطة في عموم محافظة درعا، 34 خرقًا منها في مدينة درعا لوحدها، منها 7 خروقات من قبل فصائل المعارضة، ويفسر المكتب هذا الارتفاع بعدد الخروقات في مدينة درعا بتداخل خطوط الاشتباك وتعقدها بين قوات النظام وفصائل المعارضة المتمثلة بـ “غرفة عمليات البنيان المرصوص”، حيث لم يظهر الطرفان التزامًا واضحًا بالاتفاقية.

ووثق المكتب أيضا 18 خرقًا في منطقة مثلث الموت (الحارة – كفر شمس – كفر ناسج – أم العوسج – عقربا)، حيث يُرجح أن هذه المنطقة كانت تشهد انتشارًا لميليشيات إيرانية ولبنانية موالية لقوات النظام وتقف خلف معظم هذه الخروقات، وتم توثيق 10 خروقات في منطقة اللجاة التي كانت تشهد تداخلًا في خطوط الاشتباك واستهداف متكرر للطرقات، بينما شهدت بلدة الكرك الشرقي ومحيطها توثيق 5 خروقات جميعها باستخدام العبوات الناسفة، حيث تعمدت قوات النظام استهداف الطرقات بشكل متكرر.

وامتدت اتفاقية خفض التصعيد 345 يومًا أي على مدى 11 شهرًا و10 أيام، منذ إقرارها في 9 تموز/يوليو 2017 لغاية 19 حزيران/يونيو 2018، وشهدت الفترة الزمنية لهذه الاتفاقية تفاوتًا واضحًا في عدد الخروقات وعدد الشهداء، ويُعتبر الشهر السابع من الاتفاقية الذي يمتد من 9 كانون الثاني/يناير 2018 لغاية 8 شباط/فبراير 2018 هو الأكثر بعدد الخروقات، لكن الشهر الرابع من الاتفاقية الذي يمتد من 9 تشرين الأول/أكتوبر 2017 لغاية 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 هو الأكثر بعدد الشهداء، بينما تعتبر الأيام العشرة الأخيرة من الاتفاقية هي ذات النسبة الأكبر بعدد الخروقات وعدد الشهداء مقارنة مع الأشهر السابقة في الاتفاقية.

وكان من المفترض أن تكون مرحلة خفض التصعيد هي مرحلة مؤقتة تساعد في ترسيخ الاستقرار في محافظة درعا وتأمين عودة اللاجئين والنازحين داخليًا، وتوفير المساعدات الإغاثية والطبية، لكن منطقة خفض التصعيد في جنوب غرب سوريا لم تحقق النتائج التي تم إقرار المنطقة من أجلها، رغم أن الاتفاقية نجحت في تحييد سلاح الطيران بشكل شبه تام، إلا أن قوات الأسد واصلت خروقاتها بالأساليب الأخرى، كما أن فصائل المعارضة نفذت عدة خروقات وإن كانت بدرجة أقل بكثير عما ارتكبته قوات الأسد.

وبحسب المكتب، فإن قوات الأسد استغلت اتفاقية خفض التصعيد لترسيخ حالة من الحرب الاقتصادية على المدنيين في محافظة درعا، وفرضت إتاوات مالية على حواجزها واحتكرت الكثير من المنتجات ورفعت أسعارها، بالتزامن مع إجراءات مماثلة وأقل تأثيرًا قامت بها فصائل المعارضة في بعض المناطق، كما أن قوات الأسد لم تقدم أي تسهيلات لضمان عودة اللاجئين والنازحين إلى منطقة خفض التصعيد، وعطلت في أكثر من مرة قوافل المساعدات الإنسانية، بالإضافة أن الهيئات المسؤولة عن فصائل المعارضة منعت الهلال الأحمر العربي السوري من ممارسة نشاطه في مناطق سيطرتها.

وأشار المكتب إلى أن أخطر ما تسببت به اتفاقية خفض التصعيد، هو السماح لقوات الأسد بتحييد مناطق سيطرة فصائل المعارضة عن بعضها، والاستفراد بالمناطق الواحدة تلو الأخرى بهدف السيطرة عليها، وهو ما تحقق فعلًا في جميع مناطق خفض التصعيد في سوريا باستثناء شمال سوريا.

ويضم مكتب توثيق الشهداء في درعا مجموعة من الناشطين الذين أعلنوا انحيازهم التام نحو الثورة السورية، وعمل على توثيق شهداء الثورة من عسكريين ومدنيين.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ