جسر الشغور .. أولى المدن الثائرة حبيسة مقيدة محرومة من حقها في الحياة
جسر الشغور .. أولى المدن الثائرة حبيسة مقيدة محرومة من حقها في الحياة
● أخبار سورية ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧

جسر الشغور .. أولى المدن الثائرة حبيسة مقيدة محرومة من حقها في الحياة

تعتبر مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، من أولى المدن الثائرة ضد الأسد، خرج أبناؤها ضد نظام الاستبداد والتحقوا بالحراك السلمي في أيامه الأولى، كانت أول مظاهرة سلمية لأهالي المدينة والريف تنادي بإسقاط نظام الأسد بتاريخ 25/4/2011 وتلاها مظاهرات أخرى في كل يوم جمعة.

كان رد قوى الأمن التابعة للأسد باعتقال أبناء المدينة وشبابها خلال سلسلة اقتحامات ليلية، واقتيادهم إلى فرع الأمن العسكري في إدلب، فما كان من الأهالي إلا التظاهر من جديد وقطع الطريق الدولي حلب - اللاذقية احتجاجاً على اعتقال أبناء المدينة وطالبوا بإطلاق سراحهم وأجبر فرع الأمن العسكري على إطلاق سراحه المعتقلين في نفس اليوم وكان أول انتصار يحسب على الأمن العسكري المعروف بإجرامه.

واستمرت المظاهرات في كل يوم وكانت تزين ساحة المدينة باللوحات والعبارات المعبرة لمطالب المتظاهرين، وبعد شهر من هذه الحادثة حاول الأمن العسكري اقتحام المدينة أكثر من مرة لرد اعتباره لكنه فشل أمام المتظاهرين وكان آخر اعتداء على المظاهرات في المدينة بتاريخ ٤/٦/٢٠١١ وأدى الهجوم لسقوط عدد من الشهداء من أبناء المدينة و على إثر ذلك انتفض أهالي المدينة والريف وصدوا هجوم الأفرع الأمنية، وتمكنوا بعد معركة شرسة مع الأفرع الأمنية من السيطرة على المدينة وطرد الأفرع الأمنية منها، لتكون جسر الشغور أولى المدن المحررة.

على إثر ذلك حشد نظام الأسد للمدينة وطوقها من عدة محاور لاستعادة السيطرة عليها، دفعت الأهالي للنزوح منها خوفاً من انتقام النظام عناصر الأمن والمخابرات، فكانت أول مدينة تنزح من المنازل وتتوجه باتجاه الريف والحدود التركية، حيث تمكن نظام الأسد من اقتحامها فوجدها خالية على عروشها من سكانها

في عام 2012 تمكنت فصائل الجيش السوري الحر من تحرير ريف جسر الشغور والوصول لمشارف المدينة، التي تمكن نظام الأسد من تحصينها وفصلها عن الريف المحرر لتغدوا سجن كبير يحكمه ضباط الأمن والشبيحة، وبعد ثلاث سنوات على احتلالها قامت فصائل إسلامية ومن الجيش الحر بتحرير المدينة بتاريخ ٢٥ / ٤ /٢٠١١ استمرت المعركة ثلاثة أيام وبقي المستشفى الوطني حيث تمركز فيه الجيش والشبيحة بسبب قوة بناءه وتحصينه حاولت جبهة فتح الشام حينها والحزب الإسلامي التركستاني اقتحام المستشفى أكثر من مرة وقاموا بتفجير ثلاثة مفخخات فيه ما أدى إلى دمار جزء كبير منه لكن دون فائدة وبعد شهر من حصار المستشفى حاولت قوات الأسد الانسحاب منه وقتل أغلبهم أثناء هذه المحاولة.

تعرضت المدينة بعد التحرير لسلسلة حملات قصف جوية عنيفة شارك فيها الطيران الروسي بشكل كبير، وساهم بتدمير غالبية الأبنية السكنية فيها، ودمر مرافقها الخدمية بشكل كبير، كما أجبر غالبية سكانها للنزوح من جديد وإخلاء المدينة، واستمرت حملات القصف بشكل متتابع على المدينة لأشهر عدة.

بعد التحرير خضعت المدينة لسيطرة مشتركة لجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني، ومازالت تحت سيطرتهم حتى اليوم، وكان لهما القرار عسكرياً ومدنياً من مختلف النواحي فيها، ومنع تشكيل أي مجلس محلي لتأمين الخدمات وإعادة الحياة إلا عبر هذه الفصائل لاسيما بعد تشكيل هيئة تحرير الشام وتمكنها من إحكام قبضتها بشكل كامل على المدينة والتملك بقرارها، ولم تشهد أي مظاهرة سلمية ضد الأسد حتى اليوم بسبب منع العسكر لأي حراك مدني فيها.

تعرض ماسلم من المنشآت الخدمية والمرافق العامة من القصف والتخريب لعمليات سلب ممنهجة ومدروسة، بإشراف الفصائل المسيطرة لاسيما الحزب التركستاني والتي اعتبرت كل ماسلم من النظام والقصف "غنائم حرب" وأنه بات ملكاً لها وعاملته على هذا الأساس، فكان الفرن الألي الكبير في المدينة ومعمل السكر من ابرز هذه الغنائم والتي تم تفكيكها بشكل كامل وبيعها في الأسواق لتجار كبار، كذلك المدارس والمنازل التابعة للشبيحة أو المنازل للطوائف الأخرى التي نزحت من المدينة ولم تعد، والأراضي الزراعية التي تقدر بآلاف الهكتارات.

كذلك تعرضت سكة الحديد التي تصل حلب باللاذقية مروراً بجسر الشغور لتفكيك كامل للخط الحديدي والمحطات الرئيسية منها محطة محمبل والمحطة الواقعة غربي المدينة من قبل فصيل التركستان، وتم جمع مئات الأطنان من الحديد وبيعه لتجار من طرف نظام الأسد بمئات الملايين، كما حاولوا تفكيك مبنى السراي الحكومي وبيع الأحجار الأثرية فيه.

عاد قسم كبير من أهالي المدينة خلال العام الحالي وبدأت الفعاليات المدنية بالعمل على إعادة إحياء الخدمات والمؤسسات في المدينة، إلا أنها اصطمت من جديد بتحكم العسكر في القرار المدني وفرضهم مجلس مجلي وشورى ووجهاء من قبلهم بحسب الولاءات، ما سبب حرمان المدينة من المساعدات المقدمة من المنظمات الإنسانية والمشاريع الخدمية لأنها اعتبرتها نقطة سوداء ويمنع الاقتراب منها بسبب سيطرة الهيئة عليها.

مؤخراً حاول أهالي المدينة تشكيل مجلس وجهاء لإدارة المدينة والعمل على تسهيل وصول المنظمات الإنسانية للمدينة من خلال جهة مدنية، والعمل على تنفيذ مشاريع خدمية لأهالها، اصطدم مجدداً بتدخل العسكر في هيئة تحرير الشام بتشكيلة المجلس وفرض أشخاص من طرفهم، هذا عدا عم التضييق الذي يمارس على كل منظمة تفكر في العمل ضمن المدينة.

عمل بعض الأشخاص من أبناء المدينة في مجلس الوجهاء على وصل خط الكهرباء الإنساني للمدينة، إلا أن هيئة تحرير الشام وعبر المجلس المحلي الذي شكلته قامت مؤخراً بفك محولة الكهرباء الواقعة قرب مبنى البريد والتي كانوا يجهزونا لتشغيلها وإعادة ضخ المياه لأحياء المدينة، ولكنهم قاموا بفكها وبيعها لاحد التجار وايهام الأهالي بأنهم نقلوها لحي آخر من المدينة.

مدينة جسر الشغور التي ضحت وقدمت الغالي والنفيس في الحراك الثوري، وشاركت أبناء الشعب السوري في بذل الدماء وعانت ماعانته من ظلم وجور الأسد وأفرعه الأمنية، وتحملت ماطالها من القصف الروسي والدماء والتشرد، تعيش اليوم بعيدة عن كل حياة في ظل هيمنة العسكر على مفاصل القرار فيها، ومنع أي حراك مدني لإعادة الحياة فيها، تفتقر لأدنى مقومات الحياة على الرغم من امتلاكها الكثير من الموارد التي لو ترك أبنائها لإدارتها لتمكنوا من إعادة الروح للمدينة التي يغزيها نهر العاصي ويمر بطرفها الشرقي، محرومة من أي خدمات يتساءل أبنائها عن الذنب الذي اقترفوه حتى تمنع عنهم الخدمات وتغدوا حياتهم بيد العسكر.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ