"ثورة المدن" ضد تحرير الشام
"ثورة المدن" ضد تحرير الشام
● أخبار سورية ٤ أغسطس ٢٠١٧

"ثورة المدن" ضد تحرير الشام

تتعالى الصيحات الشعبية الرافضة لممارسات تحرير الشام المتمثلة في الهيمنة على المناطق المحررة والتحكم بالمؤسسات المدنية والقضائية لاسيما في المدن الرئيسية التي تتمتع بثقل شعبي كبير، وعدة مقومات اقتصادية واجتماعية.

وتعمل تحرير الشام على السيطرة على المدن الرئيسية في إدلب وفرض نفسها كقوة متحكمة في القرار العسكري والمدني، ولو بشكل غير مباشر عن طريق إدخال شخصيات محسوبة عليها في هذه المؤسسات أو تأكيد تبيعة المؤسسات لها وعدم اتخاذ أي قرار دون الرجوع للمسؤولين فيها، أو عن طريق مجالس الشوري التي شكلتها في كل مدينة وبلدة والتي تتبع لها مباشرة، كجهة مدنية منافسة للمجالس المحلية والثورية.

ولعل هذه الرغبة في الهيمنة وتكاثر الممارسات التي تقوم بها الهيئة والتي تصاعدت مؤخراً بعد أن باتت تحرير الشام القوة الوحيدة المتحكمة بعد إنهاء دور أحرار الشام، من خلال عمليات الاعتقال والتضييق على المؤسسات المدنية والمحاكم الشرعية، وإرسال التبليغات لكل من تظاهر ضدها لمراجعة محاكمها، دفع الأهالي في بعض المدن الرئيسية للثورة ضدها والخروج في مظاهرات تكاتفت فيها جميع الفعاليات الشعبية والمدنية بقرار واحد ترفض التدخل في شؤونها.

ومن أبرز المدن التي تقف في وجه هيمنة تحرير الشام مدينة معرة النعمان والتي لها باع طويل في الحراك السلمي ضد أي محاولة لتحرير الشام لتملك القرار في المدينة، جراء ما عانته المدينة من ظلم وجور على يد عناصر تحرير الشام، إبان المداهمات المتكررة التي تعرضت لها المدينة.

وكان أكد أهالي مدينة معرة النعمان بوجهائها وفعالياتها المدنية، رفضهم إدارة شؤون المدينة من أي جهة غير مفوضة من قبلهم، مع الإشارة إلى أنهم شكلوا لجنة تمثلهم وهي اللجنة الشرعية الوحيدة التي يحق لها إيصال صوت المدينة والتكلم باسمه.

وأضاف بيان الأهالي أن الواجب الشرعي يحتم على الفصائل العسكرية الابتعاد عن الحياة المدنية حماية للمسلمين وممتلكاتهم وتجنباً لمشاكل الانحيازات الفصائلية وتحكيماً لشرع الله، محددين مطلبهم في عدم تحكم أي طرف عسكري في المدينة لا سيما المحكمة الشرعية،  رافضين أي تدخل في الشؤون المدنية للمدينة من أي طرف، مع التأكيد على الاستمرار في الحراك السلمي حتى تحقيق مطالبهم.

هذا النحو خطته مدينة الأتارب بريف حلب الغربي التي رفضت الفعاليات الشعبية فيها دخول تحرير الشام للمدينة إبان الاقتتال الأخير مع أحرار الشام وحتى في سلسلة التعديات السابقة لتحرير الشأم على فصائل الجيش الحر، ورفضهم البرقيات التي أرسلتها الهيئة لاستدعاء مطلوبين لمراجعة محاكم الهيئة.

وقررت الهيئة العامة الثورية في المدينة في اجتماعها اليوم، عدم إرسال أي مواطن من مدينة الأتارب إلى أي محكمة أو فصيل خارج المدينة، وأن أي ادعاء على أي مواطن من مدينة الأتارب يحب أن يكون في محكمة المدينة، معتبرة أن مدينة الأتارب مستقلة إداريا وقضائياً ولا تتبع لأي فصيل عسكري موجود على الساحة، تدار من قبل المجلس الثوري والهيئات الثورية التابعة له من مخفر الشرطة الحرة والهيئة المحكمة الشرعية والإدارية.

أيضاَ مدينة سراقب بريف إدلب الشمالي التي خرجت بجميع فعالياتها الشعبية في وجه تحرير الشام إبان الاقتتال الأخير وطالبت بتحييد المدينة عن دائرة الصراع الفصائلي، وواجه المتظاهرون رصاص عناصر الهيئة وسقط على إثرها الشهيد الناشط الإعلامي "مصعب العزو" ليكمل رفاقه من بعده مطالبهم بتحييد المدينة والتي أفضت لخروج تحرير الشام من المدينة، مع استمرار رفضهم لأي تدخل في شؤونها المدنية.

مدينة سرمين بالقرب من سراقب والتي تعرضت قبل أسابيع لعملية أمنية كبيرة باسم ملاحقة خلايا التفجيرات، حيث اعتقلت عناصر تحرير الشام العديد من أبنائها جلهم من المدنيين ومارست عمليات سلب واقتحام لمنازل المدنيين، والسيطرة على معدات المخفر واعتقال عناصره، مع المماطلة بتنفيذ مطالب الأهالي بإعادة الحقوق.

وتشهد المدينة حالة من الغليان تفاقمت مع رفض تحرير الشام الإفراج عن المعتقلين في سجونها، حيث حدد الأهالي في لقاء مع مسؤولي الهيئة مطالبهم في الإفراج عن المعتقلين، وعدم التدخل في شؤون المدينة، وإعادة السرقات التي طالت العديد من منازل المدنيين من قبل عناصر الهيئة، إضافة للإفراج عن عناصر المخفر التابع للمدينة والمسؤول عن حفظ الأمن، مهددين بالثورة والتصعيد والخروج في مظاهرات.

ولا يخفى ما شهدته مدينة إدلب من احتجاجات ومظاهرات شعبية ضد تصرفات تحرير الشام والقوى الأمنية التابعة لها منها جهاز الحسبة، وما تتعرض له المدينة من تضييق خانق على المؤسسات المدنية بكافة أشكالها، لاسيما بعد أن غدت تحرير الشام هي القوة المهيمنة على المدينة بشكل كامل بعد خروج أحرار الشام وتحجيم دور باقي الفصائل في مجلس شورى الفتح الذي كان يدير المدينة سابقاً.

ولعل هذه التحركات الشعبية على مستوى المدن الكبرى، ترافقها تحركات في العديد من البلدات والقرى الرافضة لهيمنة تحرير الشام تشكل بداية الانطلاقة لثورة جديدة تعرف بـ "ثورة المدن" ضد أي جهة تعمل على الهيمنة على مؤسسات الشعب المدنية، وتحاول فرض نفسها كقوة عسكرية على العمل المدني، في الوقت الذي بات ضرورياً أن تتمتع المؤسسات المدنية باستقلاليتها بعد أن ثبت للجميع فشل المؤسسات التي تديرها أو توجهها الفصائل العسكرية.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ