"الخوذ البيضاء" عندما يصبح المنقذ شهيداً
"الخوذ البيضاء" عندما يصبح المنقذ شهيداً
● أخبار سورية ١٦ فبراير ٢٠١٨

"الخوذ البيضاء" عندما يصبح المنقذ شهيداً

يجثوا على ركبتيه قد أنهكه ألم الفراق وعناء العمل ... ببدلته المغبرة واضعاً يديه على عينيه محاولاً إخفاء دمعاته التي تتساقط معبرة عن حجم الأسى الذي قد أصابه مشعلاً خوذته التي أنارت له الدرب الطويل بعمله لكنها اليوم عبارة عن ضوء خافت ... لم يعتد يوماً على أن يصاب بذلك الانهيار فلقد شارك بالكثير من عمليات الإنقاذ لكن هذه المرة كانت مغايرة ومختلفة عن باقي العمليات...

محمد ذو الـ 24 عام شاب من مدينة خان شيخون متطوع في الدفاع المدني السوري منذ بدايات تأسيسه حاله كحال باقي الرجال المتطوعين انضموا لصفوف الدفاع من منطلق إنساني إيماناً بمهمتهم و عملهم الذي يهدف لإنقاذ أكبر عدد من الأرواح في أسرع وقت ممكن.

شارك زملائه بالكثير من عمليات الإنقاذ و انتشال المصابين من تحت الأنقاض التي كانت تخلفها قنابل و غارات طيران الإجرام الذي يصب جام غضبه على الأهالي في مدينته .. لم يكن يوماً ضعيف القلب فتراه في المقدمة إلا أن هذه المرة كانت مختلفة.

أنهى محمد نوبته صباحاً ولكن لم يعلم أنها المرة الأخيرة التي يعود بها إلى مركزه أو يرى بها بعض زملائه الذين رافقوه مسيرة الإنقاذ ... بعد ثلاث غارات مساء ذلك اليوم من الطيران الحربي الروسي حولت المكان الذي كان منطلقاً لإنقاذ الأرواح لمكان حلّ به الأسى و السواد.

صيحات تتعالى في أحياء المدينة و مخاوف على أرواح المنقذين المتواجدين داخل المركز و نداءات القبضات اللاسلكية بين متطوعي الدفاع الآخرين بأن يؤازروا بعضهم البعض يهرعون بسرعة و المخاوف تكبر شيء فشيء ريثما يصلون إلى مركزهم ... يشعلون خوذهم و تبدأ عمليتهم في إنقاذ أرواح زملائهم الذين قد غطا الغبار و لهيب الانفجار ملامحهم .. بعدما أن تمكنوا من انقاد 5 من زملائهم وانتشال اثنين آخرين قد فارقوا الحياة – لم يكونوا مجرد شخصين عاديين (ضرار بسريني و أحمد خطاب) ضرار الذي ملأت ضحكاته أرجاء المركز و أحمد الذي تراه غالباً هادئ النفس بارد الأعصاب في أصعب الأوقات.

وبقيت المهمة الأكبر و هي البحث عن مصطفى الذي غطت جسده الأنقاض .... انتشروا فيما بينهم في الغرف و الممرات ليأتي الصراخ من محمد من بعيد ( يااا شباب مصطفى هون ).

يسرع بكلتا يديه ليزيل عنه التراب و لم يعدا يملكان القوة على الاستمرار في العمل بعد انهياره لوداعه زميله و يكمل عنه رفاقه المهمة بينما هو قد جثا جانباً محاولاً إخفاء ذلك الحزن الكبير الذي في قلبه متذكراً العهد الذي قطعوه على أنفسهم بأنهم ماضون في عملهم لإنقاذ الناس حتى لو كلفهم ذلك حياتهم لا سيما بعد الاستهدافات المباشرة لهم من قبل المجرمين لمحاولة إطفاء شمعة النور و الأمل لدى المدنيين المنكوبين.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ