ويسألونك عن المؤامرة؟!
ويسألونك عن المؤامرة؟!
● مقالات رأي ٧ نوفمبر ٢٠١٤

ويسألونك عن المؤامرة؟!

حين تُشارك الطائرات الأميركية بقصف مواقع القبائل اليمنية إلى جانب القوات الحوثية التي أسقطت عاصمة عربية بكاملها ووصلت إلى منافذ بحرية قادرة على أن تهدد بها خطوط الطاقة العالمية يستغرب البعض إيمانك واعتقادك بنظرية المؤامرة ؟!

وحين تُقدم واشنطن أدلة وصفتها بالدامغة على الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله الصالح على تعاونه مع القاعدة والحوثيين، ويصمت العالم كله على تدخلاته اليومية في الإطاحة بثمرة نضال شعب عظيم كاليمن في التحرر من الاستبداد والطغيان يرفع لك البعض البطاقة الحمراء لماذا المؤامرة ؟!

حين يُسمح لقاسم سليماني قائد فيلق القدس أن يتجول في العراق وسوريا مشرفاً على العمليات العسكرية على الأرض ويُنقل عنه قوله للأميركيين لكم الجو ولنا الأرض لخطف حلم الشعبين في التحرر من نير الاستبداد والطغيان والطائفية المقيتة التي رسخها يُسارع البعض إلى التحذير من الإيمان بالمؤامرة وأن ذلك سيحرفك  عن الفهم الواقعي والمنطقي لسياق الأحداث والمقصود به هنا هو الفهم من خلال عين الاستبداد والطغيان وترسيخه وتثبيته، والابتعاد عن فهم سيرورة الثورات العربية وتحركات شعوبها التي حرقت مراحل كانت بحاجة إلى عقود ربما أن تحرقها إن هي آمنت بواقع ومنطق المصرّين ألاّ مؤامرة..

يُنحر الشعب السوري على مدى أربع سنوات تقريباً بكافة ما تفتّق عنه العقل الإجرامي الأسدي والعالمي إما بممارسة أو بدعم ومساندة أو بحرمان الشعب السوري من حقه في الدفاع عن نفسه من البقاء على قيد الحياة، وحين عجز الأسد عن إخضاع الشعب السوري خفّت إليه ستون دولة من أجل الإجهاز على ما تبقي من الشعب السوري بحجة مقاومة تنظيم الدولة ووقف تدفق المليشيات الخارجية وكأن الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله والمليشيات العراقية والأفغانية من أهل الدار التي تنحر وتذبح على مدى سنوات وتدمر وتعيث فسادا دون رقيب...

يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون وهو من المفترض مطبق ومنفذ للقانون الدولي يطالب تركيا بكل صفاقة بفتح حدودها لمدنيين أتراك من أصول كردية للقتال في عين العرب بكوباني، بينما يطالب ويؤيد ويدعم بالوقت نفسه ذبح وقتل وتدمير كل من يهب لمناصرة الشعب السوري؟!

المؤامرة ليست وهماً ولا خيالاً..المؤامرة واقع عشناه على مدى عقود، منذ أن تآمروا لإسقاط الخلافة العثمانية ومنذ أن عوقب السلطان عبد الحميد رضي الله عنه بخلعه لرفضه وطنا قوميا لبني صهيون، وإلا لما كان القرار في واشنطن ولندن وموسكو وطهران وغيرها من العواصم العالمية، ولما خفّ المبعوث الأممي إلى سوريا للقاء نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قبل أن يلتقي زعماء المعارضة السورية.

المؤامرة حقيقة واقعة منذ أن دعم النظام العالمي الظالم أنظمة استبدادية لم يكن لها هم سوى شفط ما تبقى من دماء الشعوب، وحين عجزوا عن ذلك استعانوا بفرس وروم من أجل تدمير كل شيء، وإلا فكيف نفسر لحاق دول عربية لم يكن لها من أمرها شيء بركب الثورات المضادة لتدمير ليبيا واليمن ومصر، كيف نستطيع أن نقتنع بغير نظرية المؤامرة ونحن نرى اصطفاف أنظمة استبدادية مع عالم ظالم يدعي الحرية وحقوق الانسان ولكن لأبناء شعبه وبلده فقط ..كيف لنا أن نرى ذلك كله ونحن نرى بأم أعيننا سرقة انتفاضات شعوب عربية كثيرة ...

لن تُهزم الشعوب بإذن الله فقوتها وحولها مستمد من قوة الله وحوله تبارك وتعالى، أما قوة الاستبداد والطغيان والإجرام فمستمدة من قوة وحول الشيطان وعبيد الأرض. وما تتعرض له الثورات العربية من هجمة وردة أنظمة عربية وعالمية هي عين ما تعرضت له ثورات عظمى في التاريخ لكنها انتصرت وخرجت أصلب عوداً، وخرج معها ثوارها أكثر حرصاً على التمسك بها وعلى سلامة الطريق وعلى المضي قدماً حتى آخر المطاف في تحقيق طموحات الشعوب بالحرية التي عدّها بعض الأصوليين أحد مقاصد الشريعة الإسلامية..

حين كنت أتحدث لمحدثيّ قبل أيام عن العصور الملكية التي حكمت الشام والعراق ومصر قبل عقود والفرق بين العصرين ..كان محدثيّ يقولان إن عصور تلك الفترة كانت زاهية في كل المجالات مقارنة بعصور الاستبداد والطغيان وتلك حكاية أخرى لعلنا نفتحها يوماً ما

المصدر: شؤون خليجية الكاتب: د ـ أحمد موفق زيدان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ