هل ظهر الدجال ؟!
هل ظهر الدجال ؟!
● مقالات رأي ٢٩ أكتوبر ٢٠١٤

هل ظهر الدجال ؟!

حين تستيقظ صباحاً فتجد فجأة أكثر من ستين دولة تتقدمهم أميركا لمقاتلة تنظيم لم يمر على تأسيسه سوى سنوات بذريعة نحر صحافيين أميركي وبريطاني، بينما بحور الدماء التي تسيل في كل مكان لم تُحرك شعرة في الدول اللاهثة لحجز مكان في قطار تقوده واشنطن إلى المجهول، حيث لا تحديد فيه لأولويات هذا القطار ولا محطة وصوله ولا شيء بالمواعيد، كل ما لدى السائق هو تجربة مدمرة قادت عشرات الدول إلى دول فاشلة مع تدخلها في شؤونها، مشفوعاً بدعم الاستبداد وتفضيله على الديمقراطية رغم التشدق بها للاستهلاك المحلية وإضفاء ورقة توت رقيقة على ممارسات سياسية غير أخلاقية تمتد لعقود.

وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا حسم الأمر حين تنبأ أن المعركة ستطول لثلاثين سنة، ثلاثون سنة من المعركة التي حددت زمنها واشنطن لا يُعرف أي شيء عن تفاصيلها وما عليك إلا أن تتبع الدجال السياسي الذي تعرف تماماً نتائج عمله والسجل أمامك طافح بكوارثه وجرائمه، ولنا أن نتخيل ماذا سيتبقى من المنطقة التي دمرت أصلاً وتحولت يباباً بفعل طاغية الشام، وحلفائه مع مباركة عالمية غير مسبوقة..

الدجال الذي أنبأنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام ويسوق الناس إلى جنته المزعومة والتي هي نار في حقيقتها ..ماذا يختلف سياسياً عن الدجال الأميركي - ولست هنا في وارد إسقاط الأحاديث على ما يجري واقعياً ، لكن ما نحن فيه هو استخلاص العبر السياسية فحسب- ما دامت النتيجة واحدة في المحصلتين الخراب والدمار مع شخوص تتبع دون فهم ودون مصلحة لعباد وبلاد، وهي ترى بأم عينها تسليم الحصون والقلاع يترى حصناً بعد حصن وقلعة إثر قلعة إلى إيران..بدءاً من تسليم كابول ومروراً ببغداد ثم بيروت ودمشق وصنعاء والحبل على الجرار..

هل ثمة وضوح في الرؤية أكثر مما يجري، شعوب انتفضت بعد أن اصطبرت عقوداً على كل أنواع العسف والاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري ووو لتنتفض اليوم ضد هذا الاستبداد فيواجهها الاستبداد المحلي بالقتل والسحل والبراميل المتفجرة والصواريخ الباليستية المحرمة الاستخدام بحق مدنيي الأعداء، فضلاً عن الكيماوي، ثم التحالف الشيطاني من داخل وخارج، وعرب وغرب على هذه الشعوب المنتفضة التي ذنبها شعار تصرخ به" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"..

يحرص الدجاجلة المحليون والخارجيون على تقعيد وتفسير الأمور بما يلائم ويوظف استبدادهم وطغيانهم من أن المنتفضين إرهابيون ومجرمون ويعملون على تشويه الإسلام، وكأن الأميركي والبريطاني والإيراني والعربي المتحالف معهم يحرصون على نقاء الإسلام كما يزعمون، لكن بعد تطهير الإسلام من كل مسلم لا يؤمن بجنتهم المزعومة والتي تعني الاستبداد والقمع، مقابل التخلي عن جنته التي هي الحرية والتي يقدمها تحالف الدجاجلة على أنها نار وشنار، شعارهم إما نحن أو الفوضى والخراب والدمار والقتل ..

تسونامي الخراب والدمار الذي أخذه على عاتقه تحالف الدجاجلة للأسف لم يقتصر على الشعوب التي انتفضت من أجل حريتها وكرامتها وإنما بدأت بوادره في التحرك ضد جيران الدول المنتفضة أو ممن أيدها وساندها شعارهم" إنهم أناس يتطهرون" فكل من يريد أن يتطهر من الاستبداد والقمع أو يريد أن يساهم في هذا التطهير فمصيره جنة الدجال السياسي وهي الخراب والدمار والفوضى، فتركيا وقطر وغيرهما ممن وقفت مع حرية الشعوب وكرامتها تُهدد الآن بالدجاجلة السياسيين والإعلاميين والمثقفين وكل أنواع الدجل الخادم للاستبداد، كيف لا ونحن نرى الحملة الدولية الإعلامية المنسقة بين هذا التحالف على هاتين الدولتين، والضغط على تركيا من أجل الالتحاق بهذا التحالف دون قيد أو شرط إلا أنها أصرت على موقفها المبدئي بالدخول بشروطها المعروفة من إقامة المنطقة الآمنة ومنطقة الحظر الجوي وضرب الأسد وتدريب الثوار السوريين وتسليحهم، وهو ما لا يروق للمخطط الغربي ولا الإيراني، فبعد أن كان الغرب قبل الربيع العربي يُروج للنموذج الديمقراطي الإسلامي التركي ها هو ينقلب عليه تماماً ويبدأ بتسليح حزب العمال الديمقراطي المصنف إرهابياً في تركيا والذي كان حليف نظام الأسد وأياديه ملطخة بدماء الشعب السوري وهي الأسلحة التي قد تُستخدم من قبل ربيبه حزب العمال الكردستاني بداخل تركيا ...

المصدر: شؤون خليجية الكاتب: د ـ أحمد موفق زيدان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ