كفى رقصا على جثث السوريين
كفى رقصا على جثث السوريين
● مقالات رأي ١٥ يونيو ٢٠١٦

كفى رقصا على جثث السوريين

بعد كل مجزرة يرتكبها نظام الأسد الإرهابي أو حليفه الإرهابي الروسي يصبح لدى الفضائيات مادة جديدة إضافية.

قناتا «فرانس 24» و«بي بي سي» ذكرتا هذه المرة أن الطائرات الروسية هي من قامت بمجزرة إدلب الأخيرة ولكن لم تستطيعا إلا أن تبررا إجرامها و إرهابها ذاك بحديثهما عن أن المدينة تقع تحت سيطرة جيش الفتح الذي يضم جبهة النصرة و كأن ذلك يبرر قصف وقتل الأطفال والمدنيين.

ربما هناك من يقول أن الفضائيات تنقل معاناة السوريين وتسعى الى ايصالها، وكنت لفترة أتفق مع هذا الرأي ولكن لمن تنقل هذه المعاناة؟ هل تنقلها إلى السوريين في المخيمات أو بلدان اللجوء ممن يمزقهم البحث عن لقمة العيش أم الى العرب أم إلى المسلمين على اختلاف ظروفهم ومعاناتهم وحتى تخاذلهم أيضا أم إلى عالم جرب سابقا بالكثير مما يماثل ما يحدث في سوريا فوقف مع الجاني ضد الضحية كما يحدث الآن في سوريا، لا يهم أن أشاهد والملايين من أمثالي المجازر اليومية التي يقترفها نظام الأسد وحلفاؤه بدم بارد بحق السوريين إذا كنا لا نملك أن نفعل لها شيئا.

رفع اردوغان شعار رابعه خلال احتفاله بذكرى فتح القسطنطينية هذا أكثر ما تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، مع كل التضامن والتقدير لثوار ومعتقلي وشهداء مصر لكن احذروا فقد تعهد نفس الرجل في بدايات الثورة السورية بعدم السماح بتكرار مجازر حماة وحمص التي اقترفها الهالك حافظ الأسد لكن للأسف لم يستطع أن يفعل شيئا تجاه المجازر اليومية التي يقترفها الابن الذي لم يكن سر أبيه بل فاقه إجراما وإرهابا، حتى إدانة تركيا لمجزرة إدلب الأخيرة ومطالبتها المجتمع الدولي لأخذ موقف تجاه روسيا كانت متزامنة مع طلب تركي بإعادة العلاقات التركية الروسية إلى ما كانت عليه قبل إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي ربما ندموا كثيرا على اسقاطها؛ يبرهن على ذلك اعتقال تركيا لمواطنها الذي قتل الإرهابي الروسي قائد تلك الطائرة.

لا أحد يملك أن ينكر على أي دولة أن تسعى وراء مصالحها ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب استمرار المحرقة في سوريا التي تعجز الكلمات عن وصفها فمن أجل أهداف اقتصادية أو حتى في سبيل حماية مناصب بعض زعماء المنطقة وإبقاء الحرب بعيدا عن مضاربهم يضحى بشعب بأكمله.

ما أبلغ وصف كلمات مارتن لوثر كينغ لما يشابه هذا التخاذل بقوله: لست محاسبا على ما تقول أنت أيضا محاسب على ما لم تقل حين كان لابد أن تقول.

أكلت حين أكل الثور الأبيض عبارة لا شك أن السياسيين يعرفونها جيدا ولكن لم يستفيدوا منها ويصرون على عدم الاستفادة منها ربما حتى يلقوا مصير ذلك الثور نفسه. إخراج صدام من الكويت وضع حكام الخليج أمام مصيرهم الحالي وكان نذير شؤم بإطلاق يد إيران في المنطقة كما هي الآن ولكن إلى الآن لما يتعظ أحد فما يقترف في سوريا لم يكن ليتخيله أكثر السوداويين تشاؤما ولكنه لم يحدث فقط بل ويزداد الأمر سوءا.

وهذا ما ليست أية دولة في المنطقة ببعيدة عنه، بل لا ريب أنه سيتكرر في كل دول المنطقة ولو بعد حين وهذا الحين ليس بالبعيد.

أمام الأمريكيين حوالي العقدين ستكون أسعار النفط فيها رخيصة نسبيا كما الآن؛ يسعون خلالها لإعادة تقسيم منطقة الشرق والخليج العربي وترتيب المنطقة حيث سيتبقى القسم الأكبر من إحتياطي النفط العالمي سهل الإستخراج ومنخفض التكاليف بعد أن ينفد خلال هذه الفترة النفط في الكثير من الدول وكذلك سينتهي النفط الصخري الأمريكي ذو العمر القصير جدا، ترغب الولايات المتحدة بإعادة ترتيب المنطقة على نحو جديد يتوافق مع مصالحها وهذا ما تستغل في سبيله السكين الطائفية إضافة لورقة الدولة الكردية وهي القومية الوحيدة التي لم تمنحها سايكس بيكو دولة، حيث يشكل غلاة الاكراد والإيرانيون رأس حربة المشروع الأمريكي لتقسيم المنطقة من جديد.

ففي سوريا يسعى النظام لكسب الوقت ويهجر ويحاصر عددا من المناطق ويفرغها يوما بعد يوم من سكانها السنة، كما تدور الحرب في مناطق السنة لتبقى مناطق العلويين خارج دائرة الدمار ولكن هل كان سيستمر نظام الأسد إلى الآن لو نقلت الحرب إلى مناطق العلويين؛ الجميع يعي أنه لن يسقط إلا في مناطق أنصاره لكن أقصى ما يفعله من يدعي مناصرة الثورة السورية هو التنديد بارهاب نظام الأسد وقد أصبح ذلك التنديد ترفا لا يحظى به الشهداء السوريون عقب كل مجزرة.

أين هي الخطة الأمريكية «ب» في حال فشل مفاوضات جنيف وقد فشلت. و أين هي الطائرات والقوات السعودية التي تقاطرت إلى تركيا بالتزامن مع بدء أولى جولات تلك المفاوضات؟ يستطيع أي أحد إضرام النار ولكنه قد لا يتمكن من إطفائها وقد تحرقه، فحريق بحجم هذا الذي يستعر في سوريا والعراق وما يخفي الرماد المصري من نيران لا يغيب عن أحد تزايد إضطرامها يوما بعد يوم ينبئ بمستقبل غير سار لأعداء الأمة، تحتم قدومه حركة التاريخ لا محالة و الله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: القدس العربي الكاتب: بشار عمر الجوباسي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ