في اعتصام النيرب وعنتريات الصبية ودوريات الروس
في اعتصام النيرب وعنتريات الصبية ودوريات الروس
● مقالات رأي ٢٦ أبريل ٢٠٢٠

في اعتصام النيرب وعنتريات الصبية ودوريات الروس

مقال: أحمد نور

مما لا شك فيه أن أي قطرة دم تسيل على الأرض في كامل التراب السوري هي موضع إدانة وشجب وغير مقبولة مهما كان السبب والمسبب ولايختلف على هذا الكلام شخصان .. وماجرى اليوم فيما يسمى "اعتصام الكرامة" من صدام بين القوات التركية والمعتصمين على الطريق الدولي وسقوط جرحى من الطرفين وقتيلين من المعتصمين ليس في صالح الطرفين كوننا نلتقي مع الأتراك في مصلحة مشتركة لحماية أهلنا المدنيين ضد الروس والإيرانيين.

قتيلان سقطا اليوم، مدنيان كانا أو من أي طرف كان، هما من أبناء الشعب السوري، سقطا برصاص القوات التركية التي دخلت لتدافع عن هذا الشعب بكل أطيافه وأقطابه، وحياة هؤلاء يجب أن تكون أولوية للقوات التركية، كما أنه في المقابل حياة الجنود الأتراك أمانة يتوجب علينا أن نصونها، وأن تكون بندقيتنا بجانب بندقيتهم لا موجهة لصدورهم لنصل لمرحلة الصدام.

وفي ظل الظروف العصيبة التي نعيشها اليوم في الشمال السوري مع تخلي كل دول العالم عنا، ودخول حليف تتقاطع المصالح بيننا على أقل تقدير، يتوجب أن يكون هناك وعي لدى الجميع لاستثمار هذا الموقف التركي الدعم بما يخدم ثورتنا وقضيتنا، دون أن نترك أي ثغرة تخدم روسيا وحلفائها، وتزيد الشقاق بيننا وبين الأتراك الذين امتزجت دمائهم ودمائنا على أرض واحدة.

المشكلة اليوم ليست في هدف الاعتصام العلني في منع الدوريات الروسية، فهذا مطلب حق، ولكن في ماهية الاعتصام وهدفه والجهات التي تديره، والأهداف التي تسعى لتحقيقها "الهيئة" باسم الاعتصام على أنه مدني، ولماذا يُجبر موظفي الإنقاذ على الحضور للمكان والمناوبة وفق نوبات محددة تحت التهديد بخصم الراتب أو الفصل .... كذلك أمنيي الهيئة وعناصرها بلباس مدني.

ثم إن تسخيف مطالب المدنيين في عموم الشمال المحرر بأنها فقط رفض الدوريات الروسية على الطريق "أم 4" علما أن هدف الاعتصام الحقيقي هو الضغط على الطرف التركي والروسي لقبول فتح معبر تجاري مع النظام بسراقب يديره طرف عسكري معروف وأقر بذلك وفشل في فتحه بسبب الرفض الشعبي له والضغط الإعلامي.

مطالب المدنيين من خلال الاعتصام حُصرت في رفض مرور دورية، وبتنا نرى العنتريات والتفاعل الكبير لعناصر وقيادات الهيئة ومطبليهم، في وقت نسي الكثير منهم القضية الأبرز وهي استعادة الأراضي المغتصبة من قبل روسيا والنظام وعودة المدنيين إليها والتي تم نسيانها وبات الالتفاف والأولوية لفتح المعابر وترسيم الحدود وقبول الوضع على حاله لقاء الكسب المالي ولو على حساب الجميع.

أين كانت تلك العنتريات والحمية والغيرة ورفض تدنيس الروس للشمال السوري المحرر عندما كانت تسقط المدن تباعاً دون أي طلقة .. وعندما سحب السلاح الثقيل من الجبهات وترك بعض مجموعات من الصادقين من مختلف الفصائل وحدهم يقاتلون بما تيسر لهم من إمكانيات في وقت رفضت قيادات الفصائل لاسيما الهيئة دعمهم ولولا دخول القوات التركية لما كان بقي لدينا محرر اليوم نعيش فيه وكانت دنست روسيا والنظام كل المنطقة.

اتفاق إدلب الأخير بين روسيا وتركيا بالتأكيد ليس مطلباً بقدر ماهو مصلحة فرضته عليها الظروف العسكرية الأخيرة والتراجع الكبير على الأرض، ولم يكن هناك بدائل لوقف المذبحة والتقدم للنظام، وإلا من يقول غير هذا الكلام ويرفض الاتفاق كان عليه وقف تمدد الروس واستعادة ماتقدم إليه دون الحاجة لتدخل الأتراك، وليتولى الأتراك حماية نقاطهم فقط.

وباعتقادي اليوم، أن من يعرقل اتفاق إدلب يغامر بحياة 4 مليون إنسان في الشمال السوري المحرر قولاً واحداً، ولنا تجربة كبيرة في رفض تنفيذ اتفاق سوتشي الذي فرض علينا أيضاَ وماخلفه هذا الرفض من تقدم النظام وسيطرته على ريف حماة وإدلب وحلب وفشل الفصائل في الدفاع عن تلك المناطق التي سقط غالبها دون قتال، وبالتالي علينا الاستفادة من التجارب الماضية على أقل تقدير، وعدم الوقوع لمرة جديدة ضحية البازارات الدولية التي تراعي مصالحها أولاً ولو على حساب الشعوب.

النظام وروسيا لايمكن الوثوق بهم، وهم استغلوا كل الاتفاقيات السابقة لتعزيز صفوفهم والتحضير للمعركة التي تليها ولم يستطع الأتراك ردعهم في البداية، في وقت لم نر هذا التوجه من قبل الفصائل والتي وقعت في ذات الفخ في كل مرة، ولم تستطع الدفاع عن المنطقة، حتى دخول القوات التركية بقوة لاحقاً، ووقف التمدد الأخير وبالتالي من لايستطيع الدفاع على المحرر عليه أن يترك عنترياته جانياً ويكفي مغامرة بحياة الملايين.

دخول روسيا لأرضنا بدورية أو بغيرها مرفوضة ولكن علينا تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ومن لايرد تسيير الروس للدوريات اليوم، ويرفض الخطوات التركية الساعية للتهدئة، عليه أن يجد لنا الحل البديل بما يضمن أمن المحرر المتبقي لنا أولاً ويعيد لنا ما سلب منا مؤخراً على أقل تقدير ونحن معه ونسانده، أما عنتريات الصبيان هذه فلن تجلب لنا إلا الخراب والقتل وسيغيب هؤلاء الصبية عن المشهد عندما تشعل نار الحرب.

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ