فرنسا تجامل السيسي على حساب الثورة السورية
فرنسا تجامل السيسي على حساب الثورة السورية
● مقالات رأي ٥ ديسمبر ٢٠١٤

فرنسا تجامل السيسي على حساب الثورة السورية

أهداف الزيارة التي قام بها السيسي إلى فرنسا عديدة، فقد أراد الرجل تغطية أوروبية لتدخله العسكري السافر في ليبيا، وأرد أن يظهر نفسه بصورة المدافع عن قيم العلمانية وتشاركه مع الغرب في الحرب على الإرهاب حيث يدعي الرجل أنه يقاتل مجموعات إرهابية في شمال سيناء. إضافة لمحاولة الفريق المنقلب محاصرة تركيا، وتحجيم دورها في المنطقة.
كما شكلت المواضيع الاقتصادية والعسكرية جانباً هاماً من نقاشات الجانبين، حيث أسفرت عن توقيع عقود بملايين اليوروهات، والاتفاق على دعم عسكري فرنسي للسيسي في مجال البحرية والطيران، إذ تنوي فرنسا تزويد الجيش المصري بأربعة زوارق «غويند» وتجديد الأسطول الجوي بطائرات الميراج.
لا يفاجئنا الأسلوب الفرنسي في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية، وما هذا بجديد على السياسية الفرنسية التي كانت على الدوام داعماً للدكتاتوريات العربية والطغمة العسكرية في بلادنا. وأولاند الذي استقبل السيسي بالترحاب وبالغ الحفاوة، لا يختلف كثيراً عن ساركوزي الذي استقبل بشار الأسد بالسجاد الأحمر، وهو بدوره لا يختلف عن جاك شيراك، الذي أطلقت مدفعيته إحدى وعشرين طلقة في استقبال حافظ الأسد.
بالعودة إلى الملف السوري، فهناك نقطة هامة وحساسة استقبل بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الجنرال الفريق المنقلب على الشرعية في مصر عبد الفتاح السيسي، وهي الحديث عن محاربة تنظيم الدولة قبل محاربة الأسد، وإنني أجزم أن وسائل الإعلام العربية قصدت تجاهل تلك القضية الخطيرة، بسبب الموقف العالمي المهادن للأسد، والذي وصل أخيراً حد تشكيل تحالف دولي لضرب بعض المناطق المدنية في سوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
المؤكد أن الرئيس الفرنسي كان مستعداً لمجاملة السيسي على حساب الشعب السوري، ولهذا أكد عند استقباله، على ضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا حتى «لو كنا مضطرين في البداية الى مكافحة «إرهاب» الدولة الاسلامية». ولا يخفى أن هذا التصريح يطابق إلى حد بعيد طريقة تفكير السيسي، الذي يريد أن يحارب «الإرهاب» في سيناء، وليبيا، والعراق، وسوريا أيضاً، وأعتقد أن شرح معنى كلمة الإرهاب عند السيسي لا يحتاج إلى مجهود كبير، فالمقصود به محاربة رغبة الشعوب العربية في التحرر من نير الدكتاتورية، وهذا ما لا يرضاه الرجل، وما لا ترضاه فرنسا أيضاً، فالتحرر من التسلط يُسقط السيسي وكثيرين مثله كما يعصف بتبعية الدول العربية للغرب والولايات المتحدة.
 تصريح الرئيس الفرنسي حول البدء بمحاربة تنظيم الدولة، يعد أولاً تخلياً صريحاً عن كل التلفيقات السابقة التي ادعتها فرنسا حول الشعب السوري وضرورة حمايته، إذ توافق باريس اليوم بوضوح على ترك الأسد في هذه المرحلة يقتل السوريين كيف يشاء بصواريخ سكود والبراميل المتفجرة.
 كما يعد التصريح تراجعاً عن الموقف الذي أبداه أولاند في الشهر الماضي إثر زيارة أردوغان للإليزيه، بأن باريس ترى ضرورة محاربة تنظيم الدولة والأسد معاً. كما يعد مجاملة للسيسي على حساب تركيا أيضاً، ذلك أن التعبير عن الموقف السابق تم خلال زيارة الوفد التركي إلى باريس.
دخول بيرنارد كوشنير، وزير خارجية فرنسا الأسبق إلى عين العرب في سوريا، قبل يوم واحد من زيارة السيسي لباريس، دون علم الثوار أو الائتلاف، وتأييده المكشوف للحكم الذاتي شمال البلاد، يفضح الموقف الفرنسي من الثورة السورية، فقد جاء الرجل ليرسخ فكرة تقسيم الأراضي السورية.
بكل حال، ساندت فرنسا ولا تزال، الدكتاتوريات في العالم كله، وافتخر أولاند بدعم الأقليات في العراق وسورية مشيراً للأكراد واليزيدية، وتلك هي السياسية الفرنسية التي تستغل الأقليات وتألب بعضها لإفساد البلاد واستغلال ثرواتها، أما الأكثرية التي يقتلها بشار الأسد فلا تحظى بالدعم الفرنسي، ولربما تنتظر باريس أن نصبح أقلية في بلادنا، وإنني لأعتقد أنها تنتظر ذلك بفارغ الصبر، غير أنها لن تدعمنا أيضاً.

المصدر: العرب القطرية الكاتب: عوض السليمان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ