عندما اعترف النظام أنَّهُ يحارب الشعب
عندما اعترف النظام أنَّهُ يحارب الشعب
● مقالات رأي ٧ ديسمبر ٢٠١٤

عندما اعترف النظام أنَّهُ يحارب الشعب

عوداً على بدء الثورة

الأسد أو نحرق البلد... الأسد أو لا أحد.

هٰذا الشعار الذي رفعه النظام في الأيام الأولى للثورة، ناهيكم عن حملة التأليه، هو الاعتراف الصريح التام الأركان بأن ما حدث ثورة وليس مؤامرة.

من غير المعقول أن يقول النظام لأمريكا أو إسرائيل التي تتآمر عليه وتحاربه: إما أن تتراجعوا أو أحرق البلد، إما أنا أو لا أحد... هٰذا الكلام يقال للشعب الذي ثار ولا يمكن أن يقال للأعداء... لم أقرأ في كل ما مضى من التاريخ، ولا يمكن أن يوجد من يقول للعدو إذا هاجمه: إما أن تتركني أو أحرق بيتي وأهلي، إما أن تتركني أو لن أبقي أحداً... إما أن تتراجع عن عدوانك أو أحرق البلد... حَتَّىٰ في الخيال لا يمكن تصور هٰذا الصورة.

هٰذا الشعار شعار من يعلم أن شعبه يرفضه ويثور عليه، وهو يهدده بالتراجع عن الثورة: إما أنا وحدي أو أقتلكم جميعاً، أحرقكم جميعاً...

لاحظوا الفرق في الخطاب. لو كان يؤمن أنَّ المؤامرة خارجيَّة لقال: إمَّا نحن، أو أحرق بلادكم، إما أنا أو أحرق أمريكا، إسرائيل، المريخ... أي بلد إلا سوريا التي تريدون تدميرها...

تخيلوا قائداً يهاجمه الأعداء ليدمروا بلده فيقول لهم: إما أن تتوقفوا عن إحراق بلدي، أو أنا أحرق بلدي!!!

هم يريدون حرق البلد فتقول لهم: إما أن تتراجعوا أو أحرق أنا البلد!!!!

كيف يمكن تصديق ذۤلكَ؟!

أي عقل يمكن أن يقبل هٰذه المعادلة؟

الحشاش إذا كان في ذروة التحشيش لا تصدر عنه مثل هٰذه المعادلة. حَتَّىٰ في حالات الهذيان لا يمكن للمرء أن يهذي بمثل هٰذه الهلوسات التي لا تستقيم مع منطق أبداً. هٰذا يذكرنا بوليد المعلم منذ أشهر قليلة عندما قال: «لا مبرر لأحد بالعدوان علىٰ سوريا، من أراد أن يعتدي علىٰ سوريا عليه أن ينسق معنا!!!!». تخيلوا مدى الصفاقة والوقاحة والوضوح. وفي قول آخر له بعد فترة: «لا مانع لدينا من التنسيق مع أمريكا»، أي بالمعنى الصريح للعبارة: «نحن لا مانع لدينا من التنسيق مع أمريكا التي تقود الحرب علينا في محاربة الدولة الإسلامية التي تحاربنا بأمر أمريكا!!!». علىٰ أساس أن الدولة الإسلامية عميلة أمريكا كما يقول الإعلام السوري وكثيرٌ آخرون.

لا يختلف هٰذا الكلام عن سياق الشعار الذي رفعه النظام منذ بداية الثورة: إما أن تتوقفوا أو أحرق أنا سوريا!!!.

 النظام يعلم أنَّ ما حدث ويحدث ثورة ومن ثمَّ فإن كل ادعاءاته باطلة، وكل ممارساته ممارساته علىٰ هٰذا الأساس واعية ومعلومة، وليست أبداً لمواجهة أي مؤامرة خارجية، وإنما لمواجهة الشعب. ومن ثمَّ لا يوجد أي ذريعة يتبرأون بها أو يدافعون بها عن أنفسهم.

حَتَّىٰ في الكذبات التي يرددونها هم يدينون أنفسهم إدانة قاطعة. أضرب مثالاً مجزرة الكيماوي التي قالوا وقالت بثينة شعبان إنَّ المعارضة اختطفت أطفال العلويين من الساحل وارتكبت بهم مجزرة الكيماوي في ريف دمشق. في الوقت ذاته كان أهالي الأطفال أنفسهم يوزعون الحلوى ويتبادلون التهاني والتبريكات!!! كيف استقام ذۤلكَ؟!؟! إنها المعادلة السابقة ذاتها التي لا تستوي حَتَّىٰ مع الحشاش في ذروة التحشيش، ولا مع أقصى درجات الهلوسة والهذيان.

هٰذا الشِّعار وحده كان كافياً لإثارة كلِّ ما نفس الشعب من تقزز واشمئزاز وإصرار على رفض هٰذا النظام، وعدم القبول بالتعايش معه. النظام هو الذي فرض علىٰ الشعب خياره الوحيد برهان كله حمق غير محدود. والعجيب الغريب أنَّهُ كلما بضعة أشهر كان يعيد استفزاز الشعب أكثر، فأكثر، فأكثر...

منذ بداية الثورة قلت هٰذا الكلام كثيراً ومراراً علىٰ منابر مختلفة. كان الكثيرون يسألونني عما أرى، وكنت أقول: «النظام معميٌّ علىٰ قلبه». أعني بذۤلكَ أنَّ سلوكاته تتجاوز الغباء كثيراً، فالغبي لا يمكن أن يتورط الورطات التي يقع فيها النظام... الغباء لا يفسر شيئاً من سلوكاته. وما زال حَتَّىٰ اليوم معميًّا علىٰ قلبه. فإلىٰ أين يمكن أن يصل؟ وماذا جنىٰ وماذا يمكن أن يجني حَتَّىٰ ولو انتصر، ولا يمكن أن ينتصر؟!

المصدر: سراج برس الكاتب: عزت السيد أحمد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ