"عاصفة الحزم".. بين ثقافة الموت الإيرانية وإرادة الحياة العربية
"عاصفة الحزم".. بين ثقافة الموت الإيرانية وإرادة الحياة العربية
● مقالات رأي ٢٦ مارس ٢٠١٥

"عاصفة الحزم".. بين ثقافة الموت الإيرانية وإرادة الحياة العربية

كان يمكن للملكة العربية السعودية إعلان أن هدف عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها في اليمن هو حماية مقامات الصحابة هناك أو مرقد سيدنا صالح أو سيدنا هود عليهما السلام، وهو ما يتطابق مع ما استخدمته إيران وميليشياتها الشيعية من ذرائع بحماية "مقامات شيعية وهمية" قتلت من خلالها الشعب السوري ومنعته من حقه في الوصول لحريته المنشودة عبر إسقاط الحكم الديكتاتوري متمثلاً بالمجرم بشار الأسد..

كان يمكن للسعودية فعل ذلك، لكنها كانت لتسقط في ثقافة الموت التي أرادت إيران إشاعتها في المنطقة، فآلت – السعودية – على نفسها إلا أن تعلن بوضوح عبر بيان مشترك مع الدول الخليجية المشاركة بالعملية أن "عاصفة الحزم" جاءت لـ"حماية اليمن وشعبه العزيز من عدوان الميليشيات الحوثية التي كانت ولا تزال أداة في يد قوى خارجية لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق".. وفي هذا الإعلان بالتحديد يكمن الفرق بين ثقافة الموت الإيرانية في المنطقة وإرادة الحياة العربية التي يبدو أنها لن تتوقف قبل وضع حدٍّ للتمدد الإيراني الذي أوشك أن يسيطر على البوابات الاستراتيجية في المنطقة وفي مقدمها "باب المندب".

المواجهة اليوم المتمثلة بـ"عاصفة الحزم" تتجاوز "جماعة الحوثي" الخارجة عن الشرعية في اليمن، وتمتد لتشمل مواجهةً مفتوحة بين مشروع الموت الإيراني الرامي إلى ابتلاع المنطقة العربية بالاستناد إلى أحلام إمبراطورية عفنة تتوكأ على عكازٍ طائفي بغيض وبين مشروع عربي طال انتظاره يرمي إلى الحفاظ على حق العرب - بكامل طوائفهم – بالحياة على أرضهم دون تدخلاتٍ خارجية تثير الشقاق بين أبناء الشعب والعرق الواحد.. إنها المواجهة بين الحق والباطل.

وبكل تأكيد فإن صراخ إيران واستنكارها للعملية يعتبر أمراً مفهوماً إلى حد بعيد، فطهران التي تخوض مفاوضات نووية مع مجموعة (5 + 1) كانت تأمل أن تخرج منها دولةً إمبراطورية مسيطرة على مفاصل المنطقة، والعملية بهذا السياق تأتي "ضربةً قاسمة" سواء للمفاوضات النووية أو للأحلام الإمبراطورية.

فهي إن جاءت بتنسيق وموافقة أمريكية فهذا يشي بوضوح إلى تعثر المفاوضات النووية مع إيران، وبالتالي فطهران لا بد وأن تُقدم على تنازلات في ملفها التفاوضي لا سيما في الشق السوري.

أما إن لم تكن بضوء أخضر ورضا أمريكي، وهذا ما نتمناه، فإن عملية "عاصفة الحزم" تحمل في طياتها رسائل هامة أولها لواشنطن فحواها أن أي اتفاق نووي يمس بأمن واستقرار الخليج والمنطقة لن يمر بالسهولة التي تظنها الولايات المتحدة، وثانيها لطهران بأن التمدد الإيراني له حدود، وأن الدول العربية قادرة على وضع حد له بالوقت الذي تختاره.

قد يكون من المبكر وضع معالم إستراتيجية واضحة لعملية "عاصفة الحزم" التي لم يمض على انطلاقتها سوى ساعات قليلة، لكن الواضح من حجم المشاركة والزخم العسكري الذي رصد لها أنها معركة مفتوحة على كل الاحتمالات والتطورات، وأنها لن تتوقف قبل كسر الناب الإيراني في المنطقة العربية.

المصدر: العاصمة الكاتب: سارة الأتاسي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ