صور من بلدي
صور من بلدي
● مقالات رأي ٢ يونيو ٢٠١٥

صور من بلدي

ترزح سورية في عامها الخامس تحت وطأة حرب شعواء اجتمع القاصي والداني على تسعير لهيبها صباح مساء , فمن نظام لم يفتأ يستجدي كل من هب ودب  ليذبح بها شعباً لم يطلب أكثر من حياة لا ظلم  فيها , يعيش فيها المواطن كريما إلى متسلقين رأوا في هذه الثورة  بقرة حلوب تدر عليهم ما لم يحلموا في تحقيقه يوما , إلى مرضى أصبحت السلطة عندهم أكبر همهم ومبلغ أملهم , إلى أشقاء رأوا في هذه الثورة خطراً بشكل أو بآخر على ملكهم وسلطانهم , إلى صهاينة ارتضت بالعدو القديم الجميل على أعداء جدد لا تعرف ما يدور في رأسهم ولا قدرة لهم على ضبطهم في المستقبل , إلى روافض رأوا في هذه البلاد مرتعاً لحلم قديم يستعيدون فيها من العرب ملكهم الذي طاح تحت أقدام دولة الإسلام.


ولا تفتأ هذه البلد في تقديم الشهداء تلو الشهداء إبراماً لقرار اتخذته قبلاً وهي لا تكل ولا تمل , تأبى إلا الابتسام وهي تعطي , ترفض إلا أن تضع قدمها في فم الموت غير آبهة بما سيكلفها ذلك من قرابين بشرية في سبيل تحقيق غايتها المنشودة.


فتحولت بيوت العزاء إلى أعراس للشهداء , يلتقي السوري أخاه بعد طول انتظار فيبادئه مبتهلا ( أما زلت حيا إلى الآن ).


بلد أصبح فيه الشهيد محل تنافس بين العائلات فالبيت الذي لا شهيد فيه ينظر أهله إلى أنفسهم أنهم أقل منزلة من بيت الشهداء , و كذا ينظر أصحاب الشهيد الواحد إلى أبي الشهيدين وهكذا دواليك.


تذهب إلى بيت العزاء لتعزي في شهيد لم يجف دمه بعد، فينبري أبو الشهيد الطاعن الذي أكل من عقود عمره سادسها أو سابعها قائلاً بين الناس ضعوني مكان ابني أؤدي عمله فلا أريد لآل الشهيد أن يقفوا عنده.


بلد يُكبّر فيه ويُقدّم أبو الخمسة شهداء على أبي الأربعة وأبو الأربعة على أبي الثلاثة في حين يسود وجه من لا شهيد له وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما لم يحل به.


بعد أن تقف أمام هذا الصرح العظيم لن تألو جهدا في تفسير سر ذاك الصمود الذي حير العقول , يطارد فيه اللحمُ النارَ , وتلحق المقلُ فيه فلول المخارز.

المصدر: شبكة شام الكاتب: صلاح الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ