"جيش المجاهدين" لن يكون النهاية.. والقادم أكبر
"جيش المجاهدين" لن يكون النهاية.. والقادم أكبر
● مقالات رأي ٢٥ يناير ٢٠١٧

"جيش المجاهدين" لن يكون النهاية.. والقادم أكبر

تختلط الأوراق، وتتبعثر الحروف، وتهرب الخطوط عندما تحاول سرد وقائع ما يجري من صراعات داخلية ضمن حدود فصائل الثورة السورية، حيث باتت الخصومات الفصائلية أمراً غالباً ومسيطراً على الساحة العسكرية، بينما نظام الأسد وعشرات الميليشيات الشيعية تراقب اقتتالنا وسفك دماء بعضنا، ليس لشيىء إنما لنحقق المكاسب، ونزيد السيطرة، ونعزز القوة، فبات القوي يأكل الضعيف، وكل ما يحتاجه مبراً هو اتهام بالفساد تارة، والانتماء للغرب أو للشرق تارة أخرى، أو التنبؤ بمخطط قادم وأنه لابد من قضم هذا الفصيل وإنهاء وجوده، وبالتالي السيطرة على مستودعاته ومقراته، والفصائل الأخرى منها من يندد ومنها من يراقب، ومنها من التزم الحياد، والأخر رفع صوته فوجد نفسه وحيداً فسكت.


هذا حالنا اليوم بعد ستة سنوات من التضحيات التي بذلت والدماء التي أريقت على درب النضال، خرج الشعب السوري الثائر ليقول لا للظلم، ولا للقتل، ولا للتسلط والاستبداد، ولا للاعتقال، وقدم التضحيات والشهداء على درب الحرية الطويل، إلا أنه ابتلي بكثرة الكيانات، وتنوع الإيدلوجيات، كلاً يدعي نصرة الشعب المظلوم، والدين، وكل يرى في نفسه أنه الحق والأجدر بالسيطرة، وعليه وجب إنهاء الخصم، لأنه فاسد، مارق، عميل، متآمر، فالأقوى هو من يحدد ويشيطن الفصيل الذي يريد أن ينهيه.


منذ 2014 حتى اليوم، بدأت فصائل الثورة السورية تتجه لمنحى الصراع فيما بينها أكثر من قتال الأسد والميليشيات، ولا ينكر ما قدمته من قتال، ولكن باتت السمة الرائجة اليوم هي الاقتتال الداخلي، حكم القوي على الضعيف، ببيان واحد ينهي مسيرة فصيل قدم مئات الشهداء على الجبهات، يتهمه فيه بالعمالة أو الفساد أو التآمر، أو التخطيط لفعل ما، وبالتأكيد هذا الفساد والفعل والتآمر ينتهك حرمة الثورة، فوجب القصاص.


ومع كل عملية انهاء لفصيل لابد من تبرير شرعي، يتكفل به شرعيي الفصائل ممن يتنافسون في الفتوى، ويحللون الدم الذي حرمه الله، فيقتل من يقتل، ويسلب ما يسلب، وتضيع الحقوق، ويغدوا العشرات من الشباب في المعتقلات، فالمهم انتصرنا على الفاسدين، وقضينا على المتآمرين، وحققنا ما يتطلبه الدين، ولكن ما إن تهدأ النفوس، وتسلم الفصائل بأن من كان برفقتهم في الخندق اليوم زال، تتحسس فصائل أخرى رأسها وتنتظر ساعة الشيطنة لها.


فبالأمس كانت النصرة والجند والأحرار والصقور وفصائل أخرى ضد "المفسدين" في الأرض، منهم من قاتل علناً، ومنهم من ناصر، ومنهم من أقام الحواجز وعطل الحركة، ومنهم من دخل باسم قوات ردع، فسيطرت الفصائل على المقرات ونالت مخازن المستودعات، واقتصت من العناصر وجردتهم السلاح، ثم بات الدور على غيرهم فاختلفت المصالح، واختلف الظرف، فحشد أصحاب الصف الواحد لبعضهم، وتقسمت غاياتهم، وباتوا في صراع بين بعضهم، كلاً يجد في نفسه الأحق، فتكررت سيناريوهات الإنهاء لفصائل عدة زاد عددها عن 14 فصيلاً كانوا من أوائل من حمل السلاح.


واليوم ومع اختلاف المصالح، وتعدد الزعامات، وتغيرات الساحة، اختلف الأصحاب، وانشق الأحباب، وباتوا في مواجهة بعضهم البعض، فالصقور انشقت عن الأحرار، والأحرار تطالب بإنهاء الجند، وفتح الشام فكت البيعة، والجند يريدون إنهاء الأحرار، والفيلق يساند، وجيش الإسلام يعاضد، وفتح الشام اختارت ذبيحتها في حلب الممثلة بجيش المجاهدين، وهاجمته، فردت الصقور في جبل الزاوية، ودخلت الأحرار والفيلق كقوات ردع ولم تجرؤ أن تقول أننا خصم، وبدأت حرب التغريدات، وبدأ الشحن النفسي والحشد العسكري، واختلطت الأرواق وضاع الشعب بين هذا وذاك، وأبنائه يذبحون في مناطقهم وأمام أعينهم.


وما إن انجلى الليل، وأعلن عن سيطرة فتح الشام على مستودعات ومقرات جيش المجاهدين في حلب، بعد بيان بررت فيه فتح الشام عملها، لم يذكر جيش المجاهدين بالاسم، ولم يحدد سبب الهجمة المباغتة، بل قال أنها لإنقاذ الساحة، ووقف التفاوض وعلى الجميع أن يهز برأسه ويبارك العمل، فالمعنى بات واضحاَ وموجهاً للجميع، لكل من حضر التفاوض، فهل بتنا أمام المرحلة ما قبل الأخيرة من الصراع تمهيداً لإنهاء الجميع وظهور قطب او أثنين تقودهما الفصائل الكبرى، وتذوب فيها مرغمة جميع الفصائل الأخرى، منها بعد أن تورطت وباتت في الواجهة، وبات اسمها على قائمة الهدف القادم، فبات لزاماً عليها حل نفسها والإسراع في الاندماج مع طرف من أطراف القوة، وهل باتت دماء المسلمين مباحة لهذه الدرجة في دين ونهج وشرع البعض، وهل يتعظ الخصوم من أخطاء الماضي، ويعي الجميع أن الدور قادم لامحالة عليهم أجمعين، لن تبقي نزعات السيطرة والتفرد بالساحة منهم أحداً، فمن هو الرابح في النهاية لا أدري، ولكن كل ما أدريه أن الشعب السوري الثائر هو الخاسر الأكبر، وأن ما يجري هو تحقيق لما خططت له إيران وروسيا من حشر الجميع في بقعة جغرافية صغيرة في الشمال السوري النازف من جراح واقتتال الاخوة.

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ