"تنمر أم إنكار وتكبر" هدئي من روعك يا ...
"تنمر أم إنكار وتكبر" هدئي من روعك يا ...
● مقالات رأي ٣١ مايو ٢٠٢٠

"تنمر أم إنكار وتكبر" هدئي من روعك يا ...


أن تكون ناشطاً في الثورة السورية تنقل أوجاع المدنيين وصورة الواقع في وجه الظلم لهو فخر ووسام على صدرك، ليس لك فيه فضل أو منية على أحد فهناك دماء تسيل وأعراض تنتهك وعذابات مستمرة، ولكن أن تتسلق هذا المضمار لتحقق الشهرة والنجومية وتلغي عمل من سبق ظهورك لهو "تنمر على الثورة السورية كلها".

منذ الصرخة الأولى المطالبة بالحرية في سوريا، لم تكن لتصل لولا وجود الناشط الإعلامي، الذي تحدى في سنين الثورة الأولى كل الظروف الأمنية والملاحقة والمخاطر والصعوبات، لينقل صوت الثائرين، تعرض للاعتقال والملاحقة مع ذويه، وعمل بأدوات ووسائل بسيطة لينقل صوت أعظم ثورة على مر التاريخ.

لعب "الناشط الإعلامي" منذ بدايات الحراك، دوراً بارزاً في نقل صوت الحراك الشعبي، وقضى على هذا الدرب المئات من الشهداء "لايسع المقال لذكرهم خوفاً من ظلم من لم يشتهر اسمه وقضى بصمت"، كما أن المئات منهم لايزالون في سجون النظام وأخرون مغيبون في سجون داعش وباقي الفصائل، ومع ذلك استمرت المسيرة.

مسيرة العطاء للثورة، أي تحمل العبء بأن تكون ممثلاً لثورة الأحرار، وصوتاً لها أمام العالم، تنقل الصورة بكل صدق، وتواصل حرب النظام وكل من ينتهك حدود الثورة بسلاح الكلمة والصورة، هكذا سار الأوائل من رواد العمل الإعلامي، منهم من وصل اسمه للعالمية ولكن بعمله وكده وتعبه وموقعه الذي برز فيه، مسطراً أروع البطولات والتضحيات، هي من قدمته بطلاً ورمزاً ولم يسعى لها والأسماء كثيرة.

مصاعب جمة وكبيرة واجهها الناشط الإعلامي خلال سنوات الثورة الأولى، لنقل الصورة، وتحدي الصعاب وهي كثيرة ولايمكن ذكرها جميعاً، من ملاحقة وتهديد وقصف وتشريد، ومعاناة في إيصال واقع منطقته، مع ضعف الإمكانيات وقلة وسائل التواصل والأنترنت التي قد تتطلب منه المغامرة بحياته لنقل مقطع فيديو واحد، وفعلها وتحدى كل تلك العراقيل ونجح في محاربة النظام وكسر شوكته الإعلامية وتعريته أمام العالم.

لم يكن الناشط صحفياً متعمقاً في هذا المجال، بل مواطناً عادياً منهم العمال وطلاب الجامعات والمعلمين "شباباً وشابات"، عملوا بصمت، وخرجوا على أثير القنوات لما تطلب ذلك بالصوت والصورة، متحدين كل ألة القتل والفتك التابعة للنظام وميليشياته، ولم تكسرهم كل التهديدات وتثنيهم عن مواصلة الطريق في نقل صوت الشعب الثائر، كثير منهم لايزال يواصل المسيرة لخدمة القضية.

ولم تكن الملاحقة الأمنية وعراقيل التغطية ماواجهه الناشط الإعلامي فحسب، فبعد الطفرة الإعلامية بعد عام 2015 مع توسع المناطق المحررة، بات العمل الإعلامي وللأسف الشديد "مهنة رائجة" بهدف الكسب المالي أو تحقيق الشهرة لتدق أول أسفين في صدر هذا المجال، على حساب من سبقهم وحساب دماء وتضحيات الشعب السوري، والأمثلة على هؤلاء كثر.

تلك الطفرة في عمل الناشط الإعلامي، دفعت الكثير من النشطاء الأوائل لوقف نشاطهم بسبب ظروفهم التي وصلوا إليها بعد سنين من التضحية، محتفظين بما قدموه كوسام شرف لهم وآخرون مستمرون، في وقت تسلق الكثير من رواد هذا المجال، وباتوا يتبنون العمل الإعلامي، ويحتكرونه، بل وصل الأمر بهم لنفي كل من سبقهم وعدم الإقرار بمن مهد الطريق وواجه كل الصعوبات ليأتي متأخراً متفاخراً، ويدعي تمثيل الحراك.

الطموح شيئ كبير، وأن تصل للعالمية تمثل صوت المجتمع السوري الثوري شيئ عظيم، ومحض فخر، ولكن شريطة أن تحسن التمثيل، وتستغل هذا الوصول لخدمة القضية، لا المصلحة الشخصية، فالتاريخ يسجل ولن يرحم، وكل من تسلق على حساب الدماء والتضحيات وتعب من سبقه لن يستطيع التخفي وراء جوائز تسلمها بدون تعب أو عناء.

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ