ترامب والحلم الأميركي
ترامب والحلم الأميركي
● مقالات رأي ١١ نوفمبر ٢٠١٦

ترامب والحلم الأميركي

لا ننكر أننا على صعيد المعارضة السورية سمعنا من هيلاري وعوداً أفضل مما سمعنا من ترامب، لكن تجربتنا مع الإدارة الديموقراطية لم تكن تجعلنا نطمئن إلى الوعود، ولن ينسى العالم أن أوباما أسرف كثيراً في ترديد تصريحه الشهير «على الأسد أن يرحل»، لكن ما فعله في الواقع هو تمكين بقاء الأسد، وتقديم دعم خفي للتنظيمات الإرهابية «داعش» ومشتقاتها بالصمت عليها حتى تكبر وتتمدد! وهي التي حاربت الشعب ووجهت أسلحتها ضد المعارضة الوطنية وجيشها الحر. كما أن إصرار الولايات المتحدة على حظر تسليح الجيش الحر بمضادات الطيران جعل سماء سوريا تمطر وابلاً من القنابل المحرمة والصواريخ التي أبادت الحياة وقتلت البشر، دون أية قدرة على مقاومتها، وهذا ما جعل ملايين السوريين يهربون نازحين بحثاً عن مكان آمن، وقد قتل عشرات الآلاف منهم غرقاً في البحار. كما رفضت الولايات المتحدة إقامة منطقة آمنة تتيح للمدنيين أماناً، وتوقف تدفق الهجرة التي تحولت إلى مشكلة دولية.

وليس سراً أن الولايات المتحدة كانت تدير الصراع، وتدعي أنها تدير مسار الحل السياسي، وقد لبينا دعوتها ودعوة أصدقاء سوريا إلى مؤتمر الرياض في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، وعقدنا مع ممثلي الدول التي أطلق عليها اسم «أصدقاء سوريا» عشرات اللقاءات، ووجدنا أن الوزير كيري يريد فقط أن نسافر إلى جنيف وأن نسجل حضوراً. وحين كنا نعلن إصرارنا على تنفيذ القرار 2254، وبخاصة البنود التي حدد القرار كونها مرحلة بناء الثقة وما فوق التفاوض (فك الحصار، إيصال المساعدات، حماية المدنيين، إطلاق سراح المعتقلين وبخاصة النساء والأطفال)، كنا نواجه أجوبة غير منطقية من مثل (ناقشوا ذلك في جنيف)، وكان الهدف تحويل مفاوضات الحل السياسي إلى استجداء لدخول قافلة مساعدات (بعضها يصل فارغاً، وأغلبها يمضي إلى النظام، وبعضها تعرض لهجوم الطيران، كما حدث في أورم الكبرى)! ووجدنا أنفسنا كمن يلاحق وهماً في سيل من التصريحات المتوافقة والمتناقضة في مسلسل (لافروف- كيري)، حتى إن المبعوث «راتني» صارت مهمته ترقيع تصريحات كيري، بينما قال المبعوث الدولي دي مستورا: «نحتاج إلى معجزة إلهية».

لم يكن يغيب عنا أن الضامن الحقيقي لبقاء النظام وتفكيك المعارضة هو هذا الموقف الأميركي الذي فوض بقتل السوريين باسم مكافحة الإرهاب، وطالما رددنا قول أبي الطيب المتنبي «ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى.. عدواً له ما من صداقته بدُّ».

ربما هذا ما دفعني إلى أن أقول مرات على قنوات التلفزة إنني أفضل أن يأتي ترامب على مبدأ «إن خيراً فخير، وإن شراً فشر»، ولم يتبق لدى السوريين الكثير مما يخسرونه.

نأمل أن يكون ترامب بعلنية مواقفه أكثر وضوحاً، ونحن نبحث عن حل عادل لقضيتنا رسمنا رؤيتنا الدقيقة له وأعلنا عنها في مؤتمر لندن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعلم ترامب- كما يعلم بوتين قبله- أن تحقيق الانتقال السياسي يعني بدء مرحلة لا وجود فيها لمن ثار الشعب ضد استبدادهم وظلمهم وضد ما ارتكبوا من جرائم إبادة. وأما من لم تتلوث يداه بدم السوريين فقد رحبنا بالتشاركية معه لبناء دولة مدنية ديموقراطية. وقد سمعنا ترامب يتحدث عن حلم أميركا، وبحسب مسؤوليتها كدولة عظمى يجب أن يمتد هذا الحلم القائم على الحرية والديموقراطية، ليشمل الدفاع عن حريات الشعوب وعن حقوقها في الحياة الكريمة، وليس في الدفاع عن آخر وأسوأ الديكتاتوريات في العالم.

المصدر: الاتحاد الكاتب: رياض نعسان آغا
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ