بعد أربع سنوات ثورة… سورية إلى أين؟
بعد أربع سنوات ثورة… سورية إلى أين؟
● مقالات رأي ٦ ديسمبر ٢٠١٤

بعد أربع سنوات ثورة… سورية إلى أين؟

■ عاشت سورية ثلاثين عاما تحت حكم حافظ أسد لا يستطيع الأخ أن ينبس ببنت شفة أمام أخيه، خوفا من أن تكون للجدران آذان، فيذهب هو وأخوه ومن خلفوه.
كان السوريون من قبل ذلك، كما اللبنانيون، صحافيي العرب بحق. عندما هلك حافظ وورثه ابنه بشار استبشر البعض، حسب مقولة القائل «موت الرؤساء رحمة للأمة».
وبدأ المثقفون يلتقون في بعض الدارات التي فتحت صالاتها لهم، مثل «منتدى الأتاسي»، وقرأنا عن بيان الـ»99» الذي وقعه 99 مثقفا، ثم بيان الـ «1000»، حيث رفع موقعو البيانين من وتيرة كلامهم مطالبين ببعض الحرية. تصدى لهم حرس النظام القديم مثل عبد الحليم خدام، يسفهون كلامهم، قبل أن ينشق هو عن نظام خدمه قرابة 40 عاما، ولم يقف الأمر عند التسفيه فقد أودع بعض المثقفين المعتقل.
تغيرت الأمور منذ 15 آذار/مارس 2011 وحتى اليوم، فلم يعد الأمر مسألة خوف أو جرأة، فمتظاهرو الأمس وجد أغلبهم طريقة أو أخرى ليحمل السلاح وينضم مع الفصائل التي كانت تقاتل جيش بشار أسد، فقتل من الطرفين خلق كثير. ورغم الدعم الذي قدمته طهران وموسكو، فقد استطاع الثوار أن يحاصروا قصر بشار حتى رأيناه يستقبل زواره في غرفة صغيرة في مبنى صغير. كما استطاع الثوار أن يعطلوا مطار دمشق عن استقبال الطائرات وإقلاعها. حتى أن وليد المعلم كان مضطرا للذهاب إلى بيروت ليطير إلى الوجهة التي يريدها لنقل رسائل بشار.
وعندما كان سقوط نظام بشار قاب قوسين أو أدنى، تحرك أوباما بنصيحة من مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وبتعليمات من اللوبي اليهودي لمنع سقوط بشار الأسد، بحجة دعمها الحل السلمي، رغم نصائح كل من الوزيرة كلينتون ووزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الـ(cia) كي يسلح المعارضة السورية. رفض اوباما تسليح المعارضة السورية. يومها لم يكن زعيم «تنظيم الدولة» سوى مقاتل يقود مجموعات قليلة، وقد طالب أبو محمد الجولاني قائد جبهة النصرة ليتوحدا تحت مسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).
اليوم يبحث الكتاب العرب والأجانب مآلات الحل في سورية. فمنهم من يعلق آمالا على تدخل واشنطن لتفرض حلا سلميا تحت البند السابع، يبقي سورية مقسمة، وكل جهة تحكم ما تحت يدها من مدن بموجب الأمر الواقع. وآخرون يتوقعون أن ينقلب ضباط علويون على بشار أسد بعد أن قُتل منهم خلق كثير، فيأتلفون مع من تبقى من ضباط سنيين ألجأهم الراتب أو الخوف، إلى البقاء في جيش بشار. وبالمناسبة يعتقد هؤلاء أن واشنطن سترتب لانقلاب كهذا، وينسون أن واشنطن هي من دعم بقاء بشار حين اهتز كرسيه تحته من ضربات الثوار.
الأكيد أن الشعب الذي يعيش داخل سورية لن يرضى أن يتعايش مع من تسبب بقتل ربع مليون سوري. فلم يبق بيت إلا قتل من أهله واحد أو أكثر. والفصائل المقاتلة كلها صنفتها واشنطن تحت بند الإرهاب، وأي مقاتل يعرف أن إلقاء سلاحه يعني ذهابه إلى محكمة لاهاي ليحاكم بصفته إرهابيا.
يعتقد السوريون أن «تنظيم الدولة» وزعيمه أبو بكر البغدادي سيضمحل كسحابة صيف مهما عظم خطره. وأنه لا يستطيع أن يمتلك حاضنة شعبية تجعله يطمئن كأنه يعيش بين عشيرته، التي تدفع عنه تكالب أعدائه. أما الفصائل المقاتلة الأخرى بما فيها جبهة النصرة فستترسخ داخل محيطها لأن أفرادها جزء من الشعب السوري، وسيأتي يوم على بشار الأسد لينفض عنه مناصروه ويعودون إلى جبل العلويين. وحين يذهب إلى المطار ليغادر سورية فلن يجد الوقت كي يقول إلى لقاء، أما ما سيتبقى من كتائب علوية ناصرته، فلن يكون أمامها إلا الصلح مع الكتائب السنية المقاتلة، وعندها لن يكون لواشنطن ما تفعله إلا التسليم بما اتفق عليه السوريون.
قد يقول قائل هذه أضغاث أحلام، أما نحن فنقول هذا ما نعرفه عن سورية، قبل أن يفسد حافظ الأسد السلم الأهلي بين مكوناتها. قد يطول الأمر أو يقصر، لكن لا بد أن يدرك الجميع أن الحل يجب أن يأتي من الذين اكتووا بنار الحرب الأهلية، لا من واشنطن وطهران.

المصدر: القدس العربي الكاتب: الطاهر إبراهيم
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ