الحمام الزاجل
الحمام الزاجل
● مقالات رأي ٤ أبريل ٢٠١٧

الحمام الزاجل

هل تعلمون يا صغاري أنكم مضحكون؟
نعم والله مضحكون!
الجميع يضحك عليكم وعلى مناظركم!
وهذا الزبد الذي يخرج من أفواهكم، لا أدري أين تعلمتم صنعه وكيف أتقنتم إخراجه!
مخرجوا السينما العالمية لم يستطيعوا محاكاة ما تقومون به!

كل من شارك بقتلكم يضحك لأنه مرر رسالته بحرفية عالية وتقنية مبهرة! لكي يبرهن للعالم نظريته ووجهة نظره..
كل هذا على حسابكم أيها المضحكون...!!!

لا تغرّنكم دموعٌ تتناثر هنا وهناك ظنّاً منكم أنها حزينة عليكم..
هي دموع الفرح، تذرفها القلوب المتحجرة التي وصلت إلى مبتغاها ونالت ما كانت ترمي إليه..

الجميع يضحك....

النظام السوري يضحك لأنه مرر رسالته للشعب السوري حتى يتعلم الدرس.. ومرر رسالته إلى العالم أن انظروا ماذا يفعل الإرهابيون في سوريا!

الصامتون المؤيدون يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى الذين ثاروا أن انظروا ماذا فعلتم بثورتكم! لقد قلنا لكم أننا سنحرق البلد فلم تفهموا!

جماعة كنا عايشين يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى المؤيدين والمعارضين أن انظروا كيف كان كلامنا صحيحاً! ألم نقل لكم أننا: كنّا عايشين؟

المعارضين والمؤتلفين والقوميين والوطنيين يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى العالم أن انظروا ماذا يفعل النظام في سوريا.. وإلى السوريين أن هل عرفتم لماذا نقبع في فنادقنا خارج البلاد؟ لأننا نخشى على أنفسنا وعلى أبنائنا أن يصيبهم ما أصاب أبناءكم! وأظنكم لا ترضون لنا أو لأبنائنا هذه الميتة البشعة وألا فإنكم ليس فيكم رحمة!
ثم من سيتفاوض مع النظام إن أصابنا ما أصابكم؟

الداعشيون والقاعديون والنصرويون ومن حذا حذوهم يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى السوريين ان انظروا ماذا سيحل بكم إن لم تسمحوا لنا بالتحكم بكم! ومرروا رسالتهم إلى العالم أن انظروا ما يمكننا فعله بالسوريين وبكم!

الفصائل المتقاتلة فيما يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى بعضهم من يستحق الحكم والتمجيد والتصفيق أكثر، ومرّروا رسالتهم إلى العالم أن انظروا ماذا يفعل النظام في سوريا وماذا سيحل بالبلاد إن نحن لم نحكم السيطرة!

الفيسبوكيون والتويتريون يضحكون لأنهم وجدوا موضوعاً جديداً يتسابقون في نشره ومرروا رسالتهم إلى العالم أن انظروا كيف نحن موضوعيون وننقل الخبر بأمانة؟ ويتفننون بنشر وتزيين الصور ووضعها على صور البروفايلات إعلاناً عن الاحتجاج وبانتظار المزيد من الأخبار الشيقة التي يملؤها الدم والزبد والأكشن!

الدول العربية والإسلامية يضحكون لأنهم مرروا رسالتهم إلى شعوبهم أن انظروا ماذا سيحل بكم إن أنتم قررتم أن تثوروا ضد حكامكم أو أن تقولوا لا للطغاة!

الإعلام العالمي يضحك لأنه مرر رسالته إلى الشعوب أن انظروا ماذا سيحل بكم إن قبلتم بالسوريين كلاجئين!

العالم يضحك لأنه مرر رسالته إلى السوريين أن انظروا ماذا تفعلون ببعضكم!

كلّ يغني على ليلاه.. وكلّ منّا يضحك على بلواه!
هل عرفتم لماذا أنتم مضحكين؟
ما الذي يغري مُمَرِّري الرسائل في صور الأطفال المقتولين؟
هل لأنهم يعتقدون أن الطرف الآخر المتلقي للرسالة عنده قلب وسيحزن؟
لا والله فجميعهم لا يملكون قلباً واحداً مجتمعين!
أعتقد لأنكم تحسنون التمثيل!
ولا تحسنون الكذب!

هل سمعتم يا صغاري بالحمام الزاجل؟
ذاك الذي كانوا يستخدمونه قديماً لتمرير الرسائل بين بعضهم البعض!
حتى اذا ماتت الحمامة أو غضب مستقبلها من فحواها فقتلها، لا يتكلف المرسل سوى ثمن الورقة وثمن الحبر الذي كتب به رسالته!
هذا أنتم أيها المضحكون..
أنتم هذا الحمام الزاجل الذي يمرر كلّ رسالته عن طريقكم!

ناموا يا صغاري وسنمرر نحن أيضاً رسالة عن طريقكم..
مرّروا رسالتنا إلى الله (وهو أعلم بحالنا) أننا مسنا الضرّ وأنت أرحم الراحمين..

ناموا أيها الصغار..
وأخبروا البشرية كيف كانت الحمائم تعيش مع البهائم!
ربما تحتوي الصورة على: شخص أو أكثر وأشخاص يجلسون

الكاتب: أسامة قهوجي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ