أروقة الاستانة تعيد المعارضة الى البدايات
أروقة الاستانة تعيد المعارضة الى البدايات
● مقالات رأي ١٦ سبتمبر ٢٠١٧

أروقة الاستانة تعيد المعارضة الى البدايات

لم تختلف نتائج اجتماعات أستانة، بجولته السادسة، والتي انتهت جلسته الختامية يوم أمس الجمعة، عن سابقاتها من الإجتماعات والأروقة السياسية التي تبحث في الملف السوري، في مشهد يتسارع فيه كل طرف من أطراف الأستانة للزج بتصريحاته في عمق الإعلام، لينسج خيوط أفكاره بعقل القارئ، وفي النهاية كل يغني على ليلاه، والتصريحات المتضاربة هي النتيجة.


يبدو أن أروقة الأستانة تعيد المعارضة الى البدايات، فما اتفاق وقف مناطق خفض العنف، إلا مصطلح أكثر رقياً من مصطلح "وقف اطلاق النار"، ويعود وفد نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين إلى تأجيل موضوع المعتقلين، بعد وعود باهتة للمعارضة بالنظر في الموضوع، كنوع من المماطلة التي لا تزال المعارضة مصرة على تصديقها، ليخرج وفد المعارضة كعادته مفرغة الكفين، ويعتبر ان التوصل الى انشاء مناطق خفض العنف في ادلب "انتصاراً".


فكيف لمنطقة ادلب أن تشهد وقف اطلاق نار، بحسب ما صرح الوفد المعارض، وبحسب ما قال عضو اللجنة الاعلاميه لوفد المعارضة إلى الأستانة، لشبكة شام الإخبارية يوم أمس، بالتزامن مع تصريحات سفير نظام الأسد لدى الأمم المتحدة، "بشار الجعفري"، الذي أكد أن الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وإيران وتركيا في إدلب، "لا يشمل المجموعات المتطرفة التي رفضت وقف إطلاق النار، بما في ذلك الفصيل المرتبط بتنظيم القاعدة"، في اشارة منه الى "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على معظم محافظة ادلب.


اتفاق أستانة بجملة مختصرة اتفاق مشبوه وحبر على ورق، والبنود الفضفاضة كانت واضحة على قرارات "أستانة 6"، فقرار انتشار قوى مراقبة تركية وروسية وإيرانية في محافظة ادلب، مخالف للمنطق، فكيف لحليفا نظام الأسد على الأرض أن ينشرا قواهتما في منطقة سيطرة المعارضة، وتوعد صريح من قبل النظام عقب الأستانة بخرق القرارات، وضرب تضمين ادلب ضمن خطة مناطق خفض العنف بعرض الحائط، تصريح بطريقة أو بأخرى برفض الإلتزام بالأستانة، فمحافظة إدلب تعني "هيئة تحرير الشام" أو ماتعرف ب"النصرة" سابقاً.


وبالنظر إلى دعوة الأستانة إلى كافة أطراف النزاع السوري لإطلاق سراح المعتقلين، كبند لبناء الثقة بين الاطراف، ما يجعل العمومية تشمل القرارات، دون ان تطالب بشكل صريح بالمعتقلين في سجون الاسد، وما هذا إلا تأكيد على أن النتيجة ستكون ببقاء المعتقلين في المعتقلات ولا موعد قريب لإطلاق سراحهم.


لم تكن تصريحات الدول الضامنة للأستانة وطرفا المفاوضات هي الأمر اللافت فحسب، فقد سارعت الولايات المتحدة لتؤكد عقب الأستانة، أنه لا مكان للأسد، وأكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، "نيكي هيلي"، مساء الجمعة، أن إيران لن تلعب دوراً رئيسياً في سوريا بعد الانتهاء من تنظيم الدولة.


التصريحات الأمريكية، تؤكد حجم الهوة بين واشنطن وموسكو في هذا الوقت، ويبدو أن هذه التصريحات تأكيد أمريكي لما كان تحت طاولة الأستانة، وان كانت روسيا راضية بنشر قواتها في ادلب معقل هيئة تحرير الشام، والذي تعتبره أمريكا معقلا للقاعدة، فيبدو أن البيت الأبيض لم ولن يرضى بهذا السيناريو.


أما نظام الأسد فقد شن هجومه على الولايات المتحدة، عقب الاستانة أيضا، إذ صرحت مستشارة بشار الأسد، "بثينة شعبان"، إن نظام الأسد سيقاتل أي قوة، بما في ذلك قوات تدعمها الولايات المتحدة، من أجل استعادة السيطرة على كامل البلاد، وهذا يعني أن نظام الأسد لن يطبق أي بند من بنود اتفاق الاستانة، ولن يرضى وحليفته إيران إلا أن يسيطر على كافة سوريا.


فإن حاولت المعارضة السورية أن تبدي تفاؤلها، فلا مكان للتفاؤل مع اتفاق ضمنه الطرفان الإيراني والروسي، لأن كلاهما معروف بتميزه بالبحث عن مصالحه، ولا مكان للقيم والاتفاقات في تاريخهما السياسي والعسكري، وما الخاسر الأكبر في هذا الاجتماع إلا شعب خرج وقال "بدنا حرية".

المصدر: شبكة شام الكاتب: رنا جاموس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ